أهمية وسائل الإعلام الجديد في نشر ثقافة التربية الإعلامية
أهمية وسائل الإعلام الجديد في نشر ثقافة التربية الإعلامية
بقلم: د. حمدي سيد محمد محمود – باحث أكاديمي
دفع التوسع في انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والتداخل في المفاهيم والقيم الإعلامية، البعض ممن يدعون قدرتهم على التحكم بتدفق المعلومات، إلى نشر أخبار كاذبة ومزيفة حتى أصبح المشهد الإعلامي قاتماً وضبابياً، يشوه الواقع، ويزيد المخاطر المجتمعية وفي مختلف الاتجاهات، وظهرت مجموعة من المروجين لبعض الأفكار بصورة المسوق، الذي يروج لأفكار تتعلق بالعنف والكراهية وحرية المرأة أو العكس، وتقييد الفكر والاستبداد، ومفاهيم استهلاكية، وأفكار تشجع على العنصرية والتمييز… إلخ.
ومن هنا جاءت فكرة مشروع التربية الإعلامية الذي أقرته العديد من الدول، كوسيلة مهمة للدفاع عن الأفكار وحماية المجتمع من التهديدات والأخطار، ويمكن أيضا أن يكون وسيلة جديدة لتعزيز مشاركة الأفراد في الحياة السياسية والثقافية، ووصول الشباب إلى المشاركة الإيجابية في الأحزاب والحياة العامة.
وتُعرف اليونسكو، التربية الإعلامية على أنها مجال يحظى بالأولوية في التنمية الثقافية التربوية في القرن الحادي والعشرين، بحيث يمكن الشباب من الوصول إلى فهم لوسائل الإعلام والتواصل والطريقة التي تعمل بها، وتضمن التعرف على مصادر المعلومات، وأهدافها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتحليلها وفهم وتفسير الرسائل، بحيث يكون للأفراد القدرة على اختيار وسيلة الإعلام المناسبة.
ولاشك أن الإعلام الجديد يعد وسيلة من أهم الوسائل التي تستخدم في مجال التربية والتعليم، لتنمية الكثير من الجوانب؛ سواء تلك المواد والرسائل التي تُوَجّه للطالب بهدف تعزيز المنهج المدرسي، وما يحتويه من معارف ومعلومات، أو تلك المواد التي تُوَجّه لتنمية مهاراته الشخصية والذاتية، أو لتعديل سلوكه أو تغيير اتجاهاته نحو مفاهيم تربوية تسعى المؤسسة التعليمية لتحقيقها، والإعلام التربوي يستهدف بشكل عام تحقيق التمكين المعرفي والثقافي للطلاب، كما يسعى لتزويدهم بالقدرات والمهارات في مجال التعامل مع وسائل الإعلام الحديثة والوصول إلى المحتوى المعلوماتي والإعلامي المناسب، وكذلك يستخدم الإعلام التربوي أدوات ووسائل الإعلام وفنونه المختلفة في إنتاج الرسائل الإعلامية والمواد الصحفية، ويوظفها في التوعية بالمشكلات التي تواجه التعليم، وخدمة البرامج التعليمية بأشكالها المختلفة، والتي تتمثل في محو الأمية وتنمية مهارات القراءة والكتابة ومساعدة الطلاب في اختيار تخصّصاتهم وتحديد مساراتهم العلمية والعملية. وكذلك توجيه أولياء الأمور لاتباع أفضل أساليب وطرق التربية وذلك بغرس القيم والمبادئ والعادات والتقاليد واحترام القوانين وتعزيز قيم التعاون والتسامح والتكافل. كما يسعى الإعلام التربوي إلى رفع مكانة وقيمة المعلم وتحسين صورته في المجتمع، كونه يمثل العنصر الأهم في نجاح العملية التعليمية والتربوية.
كما تكمن أهمية الإعلام التربوي في قدرته على إيصال المعلومات والمفاهيم وترسيخ المبادئ والقيم، وحماية تلاميذنا من الغزو الثقافي الفكري الأجنبي ورفع مستوى معرفتهم باللغة العربية وتمنكهم منها. كما أنها تساعدهم على تحفيز الوظائف النفسية والوجدانية لديهم، من خلال تزويدهم بالمواقف والمشاعر الإيجابية، كما تشجعهم على التعاون والمشاركة في العديد من الأنشطة، وتزودهم بمهارات التعامل مع المشاكل والأزمات التي قد يتعرضون لها، كما تساعدهم الوسائط التربوية على تزويدهم بنظام متكامل من المهارات الحسية الحركية والخبرات اللازمة لهم، وكذلك تزويدههم بأساليب التعامل السليم مع البيئة.
ويلخص الدكتور رفعت عارف الضبع في كتابه المتميز “الإعلام التربوي تأصيله وتحصيله”، أهداف الإعلام التربوي وأهميته في عدة نقاط كما يلي:
– غرس روح العمل الثقافي.
– تقديم ثقافة عامة مناسبة.
– غرس وتنمية القيم الاجتماعية السليمة في نفوس الأفراد.
– تنمية النظرة العملية وتشجيع الخيال العلمي والروح الابتكارية.
– زيادة الوعي الإعلامي لدى الشباب وتنمية المهارات الإعلامية.
– تحصين المواطن من الغزو الثقافي الضار بالمجتمع.
– تبني القضايا التربوية والمنهجية ومعالجتها إعلامياً.
– التركيز على التنمية الشاملة والمتوازنة للأطفال والشباب.
– إكساب الشباب مهارات العمل الإعلامي.
– توضيح الأساليب التربوية الحديثة لأفراد المجتمع من خلال أجهزة الإعلام بصفة مستمرة.
– استخدام الإعلام التربوي لخدمة المناهج الدراسية وتبسيطها.
– التغطية الإعلامية المتوازنة لمختلف جوانب العملية التعليمية من خلال وسائل الإعلام التربوي.
– تنمية الممارسات الإعلامية المتنوعة بإصدارات صحفية وإذاعية بصفة دورية.
– الاستثمار الأمثل لنتائج الدراسات والبحوث العلمية في مجال الإعلام التربوي وتنفيذ ما يناسب المجتمع منها.
– ترشيد عملية التعرض لوسائل الإعلام من خلال تنمية الفكر الاتصالي والفكر النقدي.
وختاماً نرى إن التربية الإعلامية أصبحت ضرورة ملحة لكافة المجتمعات العربية، حيث تصل نسبة الشباب في تلك المجتمعات إلى 65%، وهم الأكثر استخدامًا واستهلاكًا للمحتوى الإعلامي، وهم الأكثر احتياجًا للحماية والتمكين، وذلك من خلال تعزيز قدراتهم في التعاطي مع المحتوى الإعلامي، وتمكينهم من خلال إنتاج محتوى إعلامي ينهض بمجتمع قيمي فاعل، لاسيما مع ضرورة توظيف الأدوات الرقمية لتحسين نوعية الحياة، وتحسين الفرص أمام الشباب العربي، وذلك بتوفير فرص عمل جديدة والابتكار والتحديث واستخدام هذه الأدوات في كافة المجالات.