الاخبار

وزيرة الشؤون الاجتماعية اللبنانية :سعينا لإعادة بناء منظومةِ حمايةِ الطفلِ

خلال افتتاح المؤتمر العربي رفيع المستوى"عمل الأطفال وسياسات الحماية الاجتماعية في الدول العربية":

خلال افتتاح المؤتمر العربي رفيع المستوى”عمل الأطفال وسياسات الحماية الاجتماعية في
الدول العربية”: وزيرة الشؤون الاجتماعية اللبنانية :سعينا لإعادة بناء منظومةِ حمايةِ الطفلِ
وزيرة الشؤون الاجتماعية اللبنانية :سعينا لإعادة بناء منظومةِ حمايةِ الطفلِ

 

أشارت السيدة حنين السيد وزيرة الشؤون الاجتماعية بلبنان لسعادتها لمشاركتها فى فعاليات المؤتمرِ الذي يضعُ قضيّةَ عملِ الأطفالِ في صُلبِ نقاشاتِنا الاجتماعيّةِ والاقتصاديّةِ. فهذه القضيّةُ ليست تفصيلًا، بل مرآةً لمدى قدرتِنا كدولٍ عربيّةٍ على حمايةِ الفئاتِ الأكثرِ هشاشةً وسطَ أزماتٍ متراكمةٍ تضربُ مجتمعاتِنا.

إنَّ الطفلَ الذي يُدفَعُ إلى سوقِ العملِ يفقدُ أكثرَ من مقعدِهِ الدراسيِّ؛ يفقدُ طفولتَهُ، وأمانَهُ، ومسارَهُ الطبيعيَّ للنموِّ. يدخلُ إلى عالمٍ لا يراهُ كإنسانٍ في طَوْرِ التكوينِ، بل كقوّةِ عملٍ رخيصةٍ، مُعرَّضًا للاستغلالِ ولساعاتِ عملٍ قاسيةٍ ولبيئاتٍ خطرةٍ تُهدِّدُ صحّتَهُ وكرامتَهُ ومستقبلَهُ. ومع طولِ البقاءِ خارجَ المدرسةِ تتّسعُ دائرةُ الهشاشةِ وقد تتطوّرُ إلى ندوبٍ نفسيّةٍ واجتماعيّةٍ يصعُبُ التخلّصُ منها.

 

ولا يمكنُ فصلُ هذه الظاهرةِ عن واقعِنا العربيِّ؛ فالفقرُ وغيابُ شبكاتِ الحمايةِ الاجتماعيّةِ الفعّالةِ وارتفاعُ البطالةِ وتراجُعُ الخدماتِ الأساسيّةِ، إضافةً إلى تأثيراتِ النزوحِ والنزاعاتِ في بعضِ الدولِ، كلُّها عواملُ دفعت آلافَ الأطفالِ إلى الشوارعِ والمزارعِ والورشِ، وأحيانًا إلى أسوأِ أشكالِ الاستغلالِ.

 

لقد وضعتِ الاتفاقيّاتُ الدوليّةُ، من اتفاقيّةِ حقوقِ الطفلِ إلى اتفاقيّتَيِ منظمةِ العملِ الدوليّةِ حول أسوأِ أشكالِ عملِ الأطفالِ، مسؤولياتٍ واضحةً على الحكوماتِ، لكنَّ التحدّي الحقيقيَّ لا يكمنُ في الالتزاماتِ، بل في ترجمتِها إلى سياساتٍ قابلةٍ للتطبيقِ.

وفي لبنانَ، كشفتِ الأزمةُ الاقتصاديّةُ حجمَ المخاطرِ التي يواجهُها الأطفالُ. وتشيرُ الأرقامُ الوطنيّةُ إلى واقعٍ يبعثُ على القلق؛ فمعدّلُ الفقرِ بين الأطفالِ بلغَ ٥٥٪، مقارنةً بـ ٣٣٪ على مستوى اللبنانيين عمومًا، وهو فارقٌ خطيرٌ يكشفُ حجمَ الهشاشةِ التي تضربُ الطفولةَ في لبنان.  لذلك عملتْ وزارةُ الشؤونِ الاجتماعيّةِ على إعادةِ بناءِ منظومةِ حمايةِ الطفلِ عبرَ:

  • تفعيلِ إدارةِ الحالاتِ في كلِّ المناطقِ،
  • تطويرِ أنظمةِ الإحالةِ مع الوزاراتِ المعنيّةِ،
  • إطلاقِ برامجٍ للدعمِ النفسيِّ والاجتماعيِّ والصحيِّ،
  • تطويرِ التشريعاتِ ومنها تعديلُ قانونِ حمايةِ الأحداثِ،
  • وتعزيزِ الشراكاتِ الوطنيّةِ والدوليّةِ ضمنَ الاستراتيجيةِ الوطنيّةِ للحمايةِ الاجتماعيّةِ.

لكنَّ هذه الجهودَ، رغمَ أهميّتِها، ليست كافيةً إذا لم تُربَط بسياساتٍ اقتصاديّةٍ تُخفّفُ من الفقرِ وتُعيدُ الأطفالَ إلى المدرسةِ وتَدعمُ الأسرَ. فمكافحةُ عملِ الأطفالِ تبدأُ من تعزيزِ صمودِ العائلاتِ بقدْرِ ما تبدأُ من التفتيشِ والمراقبةِ.

ومن هنا تبرزُ الحاجةُ إلى رؤيةٍ عربيّةٍ مشتركةٍ تربطُ بين التعليمِ والحمايةِ الاجتماعيّةِ وسياساتِ الفقرِ، وتضعُ المجتمعاتِ المحليّةِ في قلبِ المواجهةِ. والقمةُ العربيّةُ حولَ عملِ الأطفالِ في المغربِ عامَ 2026 فرصةٌ أساسيّةٌ لتحويلِ التزاماتِنا إلى آليّاتِ تعاونٍ ورصدٍ وتمويلٍ ذاتِ أثرٍ ملموسٍ.

أصحابَ المعالي،

إنَّ حمايةَ الطفلِ ليستْ مهمّةَ وزارةٍ واحدةٍ، بل معيارٌ لجدّيةِ الدولِ في حمايةِ مستقبلِها.

وكلُّ طفلٍ نُعيدُهُ إلى المدرسةِ هو دليلٌ على قدرتِنا على إعادةِ بناءِ ما تهدّمَ، وعلى أنَّ الكرامةَ الإنسانيّةَ ما زالتْ أساسَ سياساتِنا.

اظهر المزيد
صورة wafaa alagaa

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى