مقالات

الجرف تكتب: أمانة الأبناء على خطى الرسول

الجرف تكتب: أمانة الأبناء على خطى الرسول

بقلم: د. أسماء محمد الجرف
عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر الشريف

في زمنٍ تتلاطم فيه أمواج الفتن، وتتجاذب فيه الأبناء تياراتٌ فكريةٌ متباينة، تبرز الحاجة الماسة إلى استلهام نور النبوة في تربية الأجيال.

إنهم أمانة الله في أعناقنا، مسؤوليتهم عظيمة، وأثرهم في الأمة جليل، فكيف لنا أن نؤدي هذه الأمانة حقها؟.

لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يربي أصحابه على القيم النبيلة، ويرسخ فيهم معاني الإيمان والتقوى، وكان يقول: “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيته، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”.

(رواه مسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب مسؤولية الراعي عن رعيته، الحديث رقم 1829 – والبخاري في صحيحه، كتاب الفتن، باب من دعا إلى الحق، الحديث رقم 6719.)

فهل وعينا لهذا المعنى؟ إن التربية ليست مجرد تلقينٍ للأوامر، بل هي غرسٌ للقيم، وبناءٌ للشخصية، وتنميةٌ للقدرات، وقد قال تعالى:،( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)(التحريم، الآية: ٦)

فهل نحن حريصون على وقاية أبنائنا من نار الدنيا والآخرة؟ في زمنٍ تسيطر فيه الشاشات على عقول أبنائنا، وتتجاذبهم فيه تياراتٌ فكريةٌ متباينة ، لا بد لنا من العودة إلى منهج النبوة ، فبالقدوة الحسنة، والكلمة الطيبة ، والحوار البناء، نربي جيلاً واعياً، متمسكاً بدينه، نافعاً لأمته، وإننا إذ نستلهم سيرة النبي – صلى الله عليه وسلم – في تربية الأبناء ، فإننا نؤمن بأنها ليست مجرد دروسٍ تاريخية، بل هي منهجٌ حيٌ، قابلٌ للتطبيق في كل زمانٍ ومكان، فلتكن خطواتنا على خطى الرسول -صلى الله عليه وسلم – ، ولنكن خير قدوةٍ لأبنائنا، ولنكن خير من يؤدي أمانة الأبناء.

في خضم التحديات المعاصرة، يبرز سؤال ملح: كيف نُعيد بناء جسور الثقة بين الأجيال في ظل عالمٍ رقميٍّ متسارع؟ الجواب يكمن في استلهام سيرة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم – ، القدوة الحسنة التي تتجاوز حدود الزمان والمكان. لقد كان -صلى الله عليه وسلم- يربي أصحابه على قيم سامية، ويغرس في نفوسهم معاني الإيمان والتقوى، وكان يقول: “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”.

اليوم، ونحن نواجه تحديات جمة في تربية أبنائنا، من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي إلى ضعف الروابط الأسرية، وتراجع القيم الدينية، نجد في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- الحلول الناجعة لكل هذه المعضلات.

فالقدوة الحسنة التي كان يمثلها صلى الله عليه وسلم هي السلاح الأقوى في مواجهة الفراغ القيمي الذي يعاني منه شبابنا.

والرحمة والحنو اللذان كان يتعامل بهما مع الأطفال هما البلسم الشافي لجراح العنف والتنمر.

والحوار المستمر الذي كان يمارسه مع أصحابه هو السبيل الأمثل لبناء علاقات قوية مع أبنائنا، تقوم على الثقة والاحترام.

إن تربية الأبناء في عصرنا الحالي تتطلب جهدًا مضاعفًا، ولكنها مسؤولية عظيمة لا يمكن التهاون بها.

فالأبناء هم أمانة الله في أعناقنا، وعلينا أن نحافظ عليهم ونربيهم على أن يكونوا صالحين لأمتهم ودينهم. ومن خلال استلهام السيرة النبوية، يمكننا أن ننشئ جيلاً واعياً، قادراً على مواجهة تحديات العصر، والمساهمة في بناء مجتمع أفضل.

#مجلة_نهر_الأمل

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى