الوزان يكتب … الإعلام المهاجر
الوزان يكتب … الإعلام المهاجر
بقلم: أ. د. عبد الكريم الوزان
مفهوم الهجرة بشكل عام كما ورد في منصة مصادر نت، “حركــة ســكانية يجــري مــن خلالهــا انتقال الأفــراد والجماعــات مــن موطنهــم الأصلــي إلـى وطـن جديـد يختارونـه وذلـك نتيجـة أسـباب متعـددة، بمـا تسـمح بـه ظـروف الـدول المستقبلة”.
وبلاشك فإن أسباب ظاهرة الهجرة ليست بالشيء الجديد فهي تأريخية تعود لنحو مليوني عام وأهمها في تأريخنا الاسلامي الهجرة النبوية وهجرة بعض الصحابة الى الحبشة.
أما أسباب الهجرة فهي كثيرة ومتعددة، وأهمها طلب الرزق وتحسين الواقع الاقتصادي ورفع المستوى المعيشي، والتهور الأمني، والإضطهاد الديني والعقائدي والمذهبي، والضغوطات السياسية والإجتماعية، والعوامل الطبيعية و المناخية كالزلزال والجفاف، والأوضاع الصحية ، والبحث عن الحرية، وتأثير سياسات الاعلام. وبلاشك فإن للهجرة سلبيات وايجابيات معلومة.
وبخصوص موضوعنا الإعلام المهاجر لم أجد تعريفا أو مفهوما متفق عليه، لكن يمكن القول بإختصار انه يعني: الكفاءات والطاقات الاعلامية المهاجرة وماتمتلكه بعضها من وسائل ومعدات أو ما يعهد به إليها من جهات خارجية كالقنوات والصحف والمواقع ومايماثل ذلك خارج حدود الوطن.
لقد شجعت الكثير من الدول على هجرة الاعلام في ضوء الظروف المذكورة آنفا ، وذلك من خلال تسهيل اجراءات الاستقبال، ومنح تراخيص الإقامة للمؤسسات الاعلامية والقنوات، مبررة ذلك بالحرية والانسانية والديمقراطية ،في وقت إستغلت فيه الأجهزة الأمنية والمخابراتية التابعة لها ذلك كبروباغاندا موجهة لدولة المهاجر. كما تم استغلال هذا الاعلام للتأثير على الأمن القومي لها والإساءة لسمعتها وتشويه عاداتها وتقاليدها، حتى بات مجالا خصبا للأخبار المفبركة، التي يكون نجاحها يتماثل مع قوة الدعم الأجنبي لها، وهناك إعلام مهاجر محايد أومؤيد لقضايا الداخل من خلال التأثير على الرأي العام داخل وخارج بلاده لقضايا وطنية أو سياسية أو اقتصادية وتسويقية أو تبشيرية .
وعلى الرغم من إيجابيات هجرة الاعلام المحدودة المتمثلة بعكس سياسة ومعالم ومكانة بلد المهاجر في الخارج، وتحقيق منافع إقتصادية وتسويقية، وتفعيل الرأي العام لصالح وطنه ، لكن السلبيات والمخاطر أكثر .
في المقابل يتحتم إحتواء تلك المواقف من دولة المهاجر، من خلال فسح مزيد من الحريات وعدم قمع الرأي، والناي عن الكبت والتضييق، وتحقيق العدالة الإجتماعية، وتحسين الأوضاع الأمنية ، وتوفيرفرص العمل، والسعي لحياة حرة كريمة، والإهتمام بالكفاءات العلمية وهي الأكثر خسارة على بلد المهاجر.. وفي الاعلام تخصيص صفحات وأبواب للمهاجرين لمتابعة ومعالجة قضاياهم .
” لقد أصبح المهاجر بدوره هو المواطن الصحفي غير الخاضع لأي رقابة تحريرية ولا لقرار فوقي من أجل برمجة موضوعه ضمن اختيارات هيئات التحرير”.
وأرى من الأفضل أن يصبح المواطن “ترندا” في بلاده على أن يكون “ترندا” في الخارج يتعرض للسخرية بكل أشكالها.
” لقد شهدت علاقة الإعلام بالهجرة تحولا بنيويا مرتبط أساسا بتأثير تكنولوجيا الإعلام والاتصال وتحول تركيبة الهجرة” .
اذن لابد من تنمية التطور التكنولوجي لتحقيق القناعة والإكتفاء، وفي الوقت نفسه لخلق الحصانة الفكرية والأمنية .
بعد كل هذا العرض تتجلى لنا ضرورة إيلاء أهمية ورعاية للإعلاميين لما يمثله الاعلام من دور كبير وحساس في حياة الشعوب.
التعريف بالكاتب:
أ.د. عبد الكريم عبد الجليل الوزان
أستاذ الإعلام
رئيس الجامعة الأفروآسيوية الأسبق