الاخبار

توصيات نميرة نجم في الأرجنتين دفاعا عن حقوق المهاجرين المسنين.

توصيات نميرة نجم في الأرجنتين دفاعا عن حقوق المهاجرين المسنين.

 

بواسطة/ محمد علي

قالت السفيرة د. نميرة نجم، خبير القانون الدولي ومديرة المرصد الأفريقي للهجرة إن حماية كِبار السن من المهاجرين، الذين نضعهم في فئة الأشخاص المنسيين الذين يجدون أنفسهم في كثيرٍ من الأحيان في مواقف هشَّة، فوفقاً للتوقعات السكانية العالمية للأمم المتحدة، من المتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عاما أو أكثر في أفريقيا من 69 مليونا في عام 2017 إلى 226 مليونا بحلول عام 2050.

ومع استمرار نمو وارتفاع أعداد كبار السن، بما في ذلك كبار السن المتنقلين، أصبحت تلبية احتياجاتهم الخاصة أكثر إلحاحاً، وهناك العديد من الدول الأفريقية تتبع الشريعة الإسلامية، التي أسست نظاماً عميقاً لحماية كِبار السن، وتحترم الثقافة الأفريقية السن وعادة ما يحظى كِبار السن بمكانة مُحترمة في المجتمع. ومع ذلك، فإن التغيرات في الثقافة المرتبطة بالتحضر والتغيرات في المجتمع تؤثر بشكل كبير على رفاهية كِبار السن.

ولا نريد أن نرسم صورة مُزْهِرة أو قاتمة للوضع، لكن الأعراف الاجتماعية تلعب دوراً كبيراً بالاشتراك مع الهياكل القانونية في تحديد وضع كبار السن في المجتمع.

وإذا كان المجتمع والقانون يحميان كِبار السن، فماذا نفعل هنا؟ نحن هنا لبحث قضايا المُهاجرين الأكبر سناً المعرضين لخطر الإهمال، ولا نعرف البيانات التي توضح عدد المهاجرين المسنين ولكن ما نعرفه هو أن القارة الأفريقية تتميز بـ “حركات سكانية معقدة بما في ذلك اللاجئين وطالبي اللجوء والمُهاجرين لأسباب اقتصادية وضحايا الإتجار والمهاجرين المهربين والقِصَّر غير المصحوبين وغيرهم”، فضلاً عن المهاجرين من الريف إلى المدن، والنازحين داخلياً، في عام 2023، بلغ أعداد النازحين داخليًا في أفريقيا 29 مليونًا، وهو ما يمثل نصف أعداد النازحين داخلياً في العالم البالغ 59.1 مليونًا نازحاً، وكانت الأسباب الرئيسية لذلك هي الصراعات وعدم الاستقرار السياسي والكوارث الطبيعية مثل الجفاف والفيضانات.

وتستضيف أفريقيا 800 ألف طالب لجوء، وهو ما يمثل 12% من طالبي اللجوء على مستوى العالم البالغ عددهم 6.5 مليون طالب، كما أنها موطن لـ 6.3 مليون لاجئ، أي ما يمثل 30% من 21 مليون لاجئ على مستوى العالم، ومن ثم، فمن الواضح أن وضع المهاجرين المُسنين محفوف بالتحديات بسبب نقاط الضعف المتأصلة لديهم، وهذا يثير أسئلة حاسمة: هل هناك أي شكل من أشكال الحماية والوصاية والدعم الممنوح لهم؟ مع الأخذ في الاعتبار أن الغالبية العُظمى من الهجرة تحدث داخل القارة نفسها، وللحصول على حماية أفضل للمهاجرين المُسنين في أفريقيا، من الضروري دراسة الصكوك القانونية الموجودة في هذا المجال، وهذا السياق المحدد وتقييم ما إذا كانت هذه الصكوك توفر الحماية الحالية والكافية والوصاية والدعم لهؤلاء السكان الضعفاء.

جاء ذلك أثناء كلمة السفيرة تحت عنوان: حماية كبار السن من المهاجرين بين الوصاية والدعم في المؤتمر العالمي لدعم ورعاية البالغين “من الوصاية على البالغين إلى الاستقلال الشخصي” الذي نظمته كلية الحقوق بجامعة بوينس آيرس بالاشتراك مع الشبكة الدولية للوصاية وانعقد لمدة أربعة أيام بالأرجنتين.

وعلي صعيد الأدوات القانونية لحماية المهاجرين المسنين على مستوى الاتحاد الأفريقي، قالت السفيرة تحترم الدول الأعضاء التقاليد، مثل مفهوم العصبية، الذي قدمه ابن خلدون، يسلط الضوء على أهمية التماسك الاجتماعي والتضامن الجماعي، ويُعزِّز دور الروابط الأُسرية القوية والمسؤولية المُجتمعية في رعاية المسنين ، وعلى نحو مماثل، تُعزِّز فلسفة أوبونتو، التي تُجسِد فكرة “أنا موجود لأننا موجودون”، قيم التعاطف والاحترام والدعم المتبادل، مما يضمن رعاية كبار السن بكرامة داخل مجتمعاتهم، ويجسد مفهوم تارانجا من غرب أفريقيا الضيافة واللطف، ويدافع عن الواجب الجماعي للمجتمع لدعم وتكريم أعضائه المسنين، وتوفر هذه المبادئ الثقافية وعناصر المعايير المحلية الأفريقية إطاراً قوياً لفهم وتعزيز رعاية كِبار السن في السياق الأفريقي. وهي تؤكد على الحاجة إلى سياسات تدعم الأدوار التقليدية للأسر والمجتمعات في تقديم الرعاية، وتعزيز التماسك الاجتماعي، والاستفادة من القيم الثقافية لضمان رفاهية كبار السن.

ولهذه الأسباب، لدينا الأدوات القانونية التالية التي تهدف إلى حماية كِبار السن بما في ذلك المهاجرين المسنين.

وتشمل هذه الأدوات، من بين أمور أخرى أجندة 2063، أفريقيا التي نريدها، والتي تشبه أجندة 2030 للأمم المتحدة، وبروتوكول 2016 للميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق كِبار السن في أفريقيا، واتفاقية الاتحاد الأفريقي لعام 2009 لحماية ومساعدة النازحين داخلياً في أفريقيا (اتفاقية كمبالا)، وخَصَّصَ إطار سياسة الهجرة لأفريقيا 2018-2030 وخطة العمل الخاصة به قِسماً لحماية حقوق المهاجرين المسنين.

وعلى المستوى القاري، توجد آليات قائمة ومصممة ومخصصة لحماية المهاجرين المسنين ودعم حقوقهم، بما في ذلك القدرة على اتخاذ قراراتهم بأنفسهم، والتشاور معهم، وتلقي الحماية الاجتماعية، والرعاية الصحية، وخدمات الرعاية طويلة الأجل، وفرص العمل، والتعليم، والوصول إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ومع ذلك، يظل السؤال الرئيسي: هل آليات الحماية هذه فعالة وكافية في الممارسة العملية؟

وهنا أكدت السفيرة أن فعالية وكفاية أداة الحماية للمهاجرين المُسنين، فإن حقوق كبار السن بما في ذلك المهاجرين المسنين محددة في اتفاقيات وبروتوكولات الاتحاد الأفريقي المختلفة. ومع ذلك، تُكافح هذه الأطر القانونية من أجل التنفيذ الكامل على أرض الواقع بسبب الافتقار إلى الاهتمام بكبار السن، الذين قد يتعرضون للتمييز أمام القانون، وداخل أسرهم ومجتمعاتهم.

وأشارت السفيرة أنه في الواقع، لا يتمتع العديد من كبار السن بإمكانية الوصول إلى الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية والتعليم والحماية القانونية، وغالباً ما يُحرمون من الحق في المشاركة في أنشطة التنمية.

ولجعل الأدوات القانونية المذكورة أكثر فعالية، فهي بحاجة إلى تدجين على المستوى الوطني، مع تخصيص موارد كافية لتقديم الخدمات المرتبطة بها، فنادراً ما تصل قضايا انتهاك الحقوق ضد كبار السن والمهاجرين المسنين إلى المحاكم، لأسباب عديدة قد تشمل جهلهم بحقوقهم.

وأوضحت نجم أن من أجل تحسين الوضع لكبار السن في أفريقيا، وخاصة المُهاجرين المسنين، أوصي بتعزيز جمع البيانات والبحث، وإنشاء قواعد بيانات شاملة وقابلة للتشغيل المتبادل لجمع معلومات دقيقة ومفصلة عن المُهاجرين المُسنين، ويمكن للجهود التعاونية مع المؤسسات الأكاديمية والمنظمات الدولية ضمان موثوقية وشمولية البيانات، وتطوير برامج تستفيد من المبادئ الثقافية الأفريقية مثل أوبونتو وتارانجا، فيجب أن تُعزِّز هذه البرامج أنظمة الرعاية المُجتمعية حيث يتم تمكين الأسر والمُجتمعات من دعم أعضائها المسنين، بما في ذلك المُهاجرين المسنين، وتنفيذ مشاريع بين الأجيال تشمل الشباب وكبار السن، وتعزيز الدعم المتبادل والتفاهم، ويُمكن أن تشمل هذه المشاريع برامج الإرشاد والتبادل الثقافي ومبادرات الخدمة المجتمعية، تقديم عيادات صحية متنقلة يُمكنها الوصول إلى المناطق النائية والمحرومة حيث قد يقيم المُهاجرون المسنون، والاستثمار في الطب عن بعد لتوفير الدعم الصحي المستمر للمهاجرين المسنين، وخاصة أولئك الذين يعيشون في المناطق النائية، وتعزيز وتنسيق الأُطر القانونية لضمان تغطيتها الشاملة لحقوق المهاجرين المسنين، ويشمل ذلك الحماية الصريحة ضد التمييز، والوصول إلى الخدمات الاجتماعية، والإدماج في عمليات صُنع القرار وإنشاء آليات رصد وتقييم قوية لتقييم فعالية هذه الأطر بانتظام، وإشراك مُنظمات المجتمع المدني في هذه العملية يُعزِّز الشفافية والمساءلة، وتوفير تدريب مُتخصِّصْ لمسؤولي إنفاذ القانون والموظفين القضائيين والعاملين الاجتماعيين بشأن حقوق واحتياجات المُهاجرين المسنين، وينبغي أن يُركِّز هذا التدريب على الكفاءة الثقافية وحقوق الإنسان، وتدريب العاملين والمتطوعين في مجال الصحة المُجتمعيَّة لِدعم المُهاجرين المسنين، وضمان حصولهم على الرعاية والمساعدة الحسَّاسة ثقافياً، وإطلاق حملات تثقيفية عامَّة لزيادة الوعي بحقوق ومساهمات المهاجرين المسنين تُسلِّط الضوء على قِصص النجاح والأمثلة الإيجابية لِمُكافحة الصور النمطية والتمييز، والتواصل مع وسائل الإعلام المحلية للترويج للروايات الإيجابية حول المُهاجرين المُسنين، والتأكيد على دورهم في الحفاظ على التُراث الثقافي والمساهمة في الحياة المجتمعية، وتشكيل تحالفات مع منظمات المُجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية والهيئات الدولية للدفاع عن تدجين المعاهدات المتعلقة بالمهاجرين المُسنين، والاستفادة من المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق نطاق أوسع من الوصول والمشاركة، وتنظيم الحوارات السياسيَّة وورش العمل مع أصحاب المصلحة الرئيسيين، بما في ذلك صُنَّاع السياسات وقادة المُجتمع وكبار السن، لمناقشة أهمية وفوائد تدجين المعاهدات، وتحديد ودعم أبطال التشريع الذين يُمكِنَهم الدفع نحو اعتماد المعاهدات ذات الصلة في البرلمانات الوطنية، وإطلاق حملات عامَّة تُسلِّطُ الضوء على قصص النجاح وأفضل المُمارسات من البلدان التي نجحت في تدجين هذه المعاهدات وتنفيذها.

ومن خلال تبني هذه الاستراتيجيات المُبتكرة والمُجدِيَّة، يُمكن لأفريقيا أن تخلق مُجتمعًا أكثر شمولاً وعدالة يحترم حقوق الجميع.

وافتتح المؤتمر القاضي هوراسيو روساتي رئيس محكمة العدل العُليا في دولة الأرجنتين، وأدار الجلسة البروفيسور مايكل جانر من معهد القانون المدني في جامعة إنسبروك في النمسا، وحضر اللقاء رئيسة المؤتمر ايزولينا دابوف ورئيس المجلس الاستشاري للرئيس الأرجنتيني، ومن وزارة الخارجية الأرجنتينية السفيرة ماري لوز ميلون، وستيفن هيل الأمين التنفيذي للمعهد الدولي للعدالة وسيادة القانون (IIJ)، والدكتورة سالي بالش هيرمي من المجلس الاستشاري لشبكة الدولية للوصاية.

#مجلة_نهر_الأمل

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى