توعية وإرشادمقالات

جريمة الابتزاز الإلكتروني

سلسلة نهر الأمل للتوعية بالقانون الجنائي

مصطلح اليوم
(جريمة الابتزاز الإلكتروني)

بقلم: د. محمد رمضان عيد محمود جمعه غريب

د. محمد رمضان عيد محمود جمعه غريب
د. محمد رمضان عيد محمود جمعه غريب

أولاً: تعريف جريمة الابتزاز الإلكتروني:
عرفها المنظم بأنها “تهديد شخص بهدف ابتزازه لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه ولو كان القيام بهذا الفعل أو الامتناع عنه مشروعاً”.

وعرفها البعض بأنها “الجريمة التي يقوم فيها الجاني بإنذار شخصًا أخر لإلحاق الضرر به في ماله أو شخصه.. ويتم التهديد إما بصور أو شعارات أو رموز أو أمر يؤدي إلى إيذاء الشخص المعني في شرفه أو ماله أو حياته الخاصة أو العامة أو العملية..”

وجريمة الابتزاز الإلكتروني هي إحدى صور الجرائم الإلكترونية (Cyber-crimes) وهي تتكون من مقطعين هما الجريمة (Crime)، والمقطع الآخر (Cyber ) وهي السيبرانية أو الفضاء، ويستخدم مصطلح الإلكترونية لوصف فكرة أن الجريمة تتم من خلال التقنية الحديثة، أما الجريمة فهي تلك الأفعال المخالفة للقانون، وقد اصطلح على تعريف الجرائم الإلكترونية بأنها ”المخالفات التي ترتكب ضد الأفراد أو المجموعات من الأفراد بدافع الجريمة وبقصد ايذاء سمعة الضحية أو أذى مادي أو عقلي مباشر أو غير مباشر باستخدام شبكات الاتصال” مثل الإنترنت (غرف الدردشة، البريد الإلكتروني، والهاتف النقال، والحاسب الآلي).

ثانياً: النص العقابي:
في ‎#التشريع ‎#المصري:
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه

أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب فعلًا من الأفعال الآتية:
1- الإعتداء على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري.
2- انتهاك حرمة الحياة الخاصة، أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته.
3- نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات معلومات أو أخبارًا أو صورًا وما في حكمها تنتهك خصوصية أى شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أو غير صحيحة. وفقًا لما نصت عليه المادة ( 25 ) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، الصادر برقم 175 لسنة 2018.

ونصت المادة (26) من القانون ذاته، على أن:
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز 5 سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه لا تجاوز 300 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتي أو تقنية معلوماتية في معالجة معطيات شخصية للغير، لربطها بمحتوى مناف للآداب العامة، أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه.

الابتزاز الالكتروني، عملية تهديد وترهيب للضحية بنشر صور أو مواد فيلمية أو تسريب معلومات سرية تخص الضحية، مقابل دفع مبالغ مالية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتزين، كالإفصاح بمعلومات سرية خاصة بجهة العمل أو غيرها من الأعمال غير القانونية.

وعادة ما يتم تصيد الضحايا عن طريق البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة كـ الفيس بوك، تويتر، وإنستجرام وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي نظرًا لانتشارها الواسع واستخدامها الكبير من قبل جميع فئات المجتمع.

وتتزايد عمليات الابتزاز الالكتروني، فى ظل تنامى عدد مستخدمى وسائل التواصل الاجتماعى، والتسارع المشهود في أعداد برامج المحادثات المختلفة.

#نصوص تجريم جريمة الابتزاز الإلكتروني
وعقوبتها في ‎#القانون المصري
‎#المادة 327 من قانون ‎#العقوبات المصري
تنص على معاقبة كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالقتل أو السجن المؤبد أو المشدد أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور مخدشة بالشرف وكان التهديد مصحوبًا بطلب أو بتكليف بأمر يعاقب بالسجن.

ويعاقب بالحبس إذا لم يكن التهديد مصحوبًا بطلب أو بتكليف بأمر.

وكل من هدد غيره شفهيًا بواسطة شخص آخر بمثل ما ذكر يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تزيد على خمسمائة جنيه سواء أكان التهديد مصحوبًا بتكليف بأمر أم لا.

وكل تهديد سواء أكان بالكتابة أم شفهيًا بواسطة شخص آخر بارتكاب جريمة لا تبلغ الجسامة المتقدمة يعاقب عليه بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه.

المادة 25 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018
أن عقوبة الابتزاز الإلكتروني في مصر المتعلقة بالمبتز الذي يقوم بالاعتداء على المحتوى المعلوماتي الخاص لأي شخص تقضي بالسجن لمدة لا تنقص عن 6 أشهر.

المادة 26 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
نصت على السجن لمدة لا تنقص عن العامين، ولا تزيد عن ال5 أعوام للمبتز.

ويعاقب بدفع غرامة لا تقل عن 100000 جنيه مصري، ولا تزيد عن 300000 جنيه مصري لكل من يتعمد استخدام أي من التقنيات التي تربط المحتوى الخاص بالأشخاص بمحتوى منافي للآداب العامة.

في ‎#النظام ‎#السعودي:
ورد في نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية السعودي، وهو النظام الذي يحتوي نص تجريم الابتزاز الإلكتروني، وذلك بالمادة الثالثة ” يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد عن خمسمائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص يرتكب أياً من هذه الجرائم الآتية:
· الدخول غير المشروع لتهديد شخص، أو ابتزازه لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه حتى ولو كان مشروعاً
· المساس بالحياة الخاصة عن طريق استخدام الهواتف النقالة المزودة بالكاميرا أو ما في حكمها.
· التشهير بالآخرين أو الحاق ضرر بهم، عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة.

كما نصت المادة الثالثة عشر على ”يجوز الحكم بمصادرة الأجهزة أو البرامج أو الرسائل المستخدمة في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام أو الأموال”.

كما نص المنظم السعودي على جريمة الابتزاز الإلكتروني باعتبارها من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف.

ثالثاً: أركان الجريمة:
الركن المادي:
يعتبر الركن المادي للجريمة هو السلوك الذي يظهر إلى حيز الوجود، فهو يبرز الجريمة ويجعلها تخرج إلى العالم الخارجي.

الفرع الأول: الركن المادي في الجريمة التامة والشروع.
يتكون الركن المادي من عناصر ثلاثة لابد من توافرها وهي السلوك الاجرامي، والنتيجة الإجرامية وعلاقة السببية بينهما، ونتناول هذه العناصر على النحو التالي:
أولاً: السلوك الاجرامي:
ويشترط لوقوع جريمة الابتزاز أن يكون بطلب أمر رغماً عن إرادة المجني عليه، وذلك كأن يطلب منه مال ليس من حقه، أو يطلب منه علاقة جنسية ، أما إذا كان التهديد بمقاطعة أحد التجار ان لم يستجب لمطلبه، فلا جريمة ابتزاز في ذلك، ويشترط أن يكون المبتز جادا فيما يهدد به، بحيث يستشعر المبتز أنه سينفذ تهديده لا محالة إذا لم يقم المجني عليه بتنفيذ مطالبه، وهو جوهر الطلب في الابتزاز، أما ان كان الهزل ظاهرا في طلب الابتزاز ، فلا جريمة في ذلك، كما يجب أن يكون الضحية عالما أن هذا الطلب الذي يطلبه منه الجاني هو نوع من الابتزاز، فإن كان لا يعلم فلا جريمة في ذلك، حيث يكون الأمر ظاهرا أنها رغبة المجني عليه في التنفيذ بدون تأثير على ارادته.

كما يجب أن يكون لفظ التهديد صريحاً، أو ضمناً ولكن يشترط أنه مفهوم منه ان المبتز يهدد بأمر هو افشاء اسرار المجني عليه إذا لم يذعن لرغباته، كما لا يشترط أن يتم التهديد بطريقة معينة سواء كان في غرف الدردشة أو عن طريق البريد الإلكتروني، أو بتسجيل صوتي فيه عبارات تهديدية، كما لا عبرة بكون الفعل المطلوب مشروع أم غير مشروع، فالعبرة تكون في الضغط والاكراه الذي يقترن بالتهديد لإرغام المجني عليه على القيام بالفعل ، كما قد يرسل الجاني تسجيلا مرئيا للمجني عليه وهو في وضع مخل ، ولا يعلق بشيء ، وانما يفهم من الحال أن المبتز يهدد به، تقع الجريمة ايضاً، كما أن الأصل أن يقع التهديد على الشخص نفسه حتى تقع الجريمة، ولكن قد يقع التهديد على شخص قريب الصلة بالمهدد كأخت الشخص المبتز، فتقع الجريمة ايضاً.

أما بالنسبة للسلوك الاجرامي في الجريمة الناقصة أو الشروع في جريمة الابتزاز الإلكتروني، فيتحقق بالتهديد أو الابتزاز، وان لم يستجب المجني عليه، كما يتحقق أيضا بالتهديد بإفشاء المعلومات أو الصور أو اية معلومات خاصة للمجني عليه، حتى وأن تراجع الجاني عن اكمال جريمته لسبب خارجي، طالما أن التهديد بنشر الأسرار قد صدر منه، ووقع في نفس الجاني موضع التأثير والرهبة التي جعلته يعتقد أن المبتز منفذ لتهديده لا محالة وهو الهدف الذي تحقق بإلقاء الرعب في قلب المجني عليه، وجريمة الشروع تتحقق طالما كان الركن المادي فيها شرع في تنفيذه، وتوافر القصد الجنائي.

ثانياً: النتيجة الإجرامية:
ويقصد به الأثر الذي ترتب على السلوك الاجرامي للمبتز ضد المجني عليه، كما أنه بلغة أعم تعتبر النتيجة الاجرامية هي الاعتداء الواقع على المصلحة المعتبرة والمحمية بنص النظام، سواء اضر هذا الاعتداء بالمصلحة المعتبرة نظاماً أو شكل تهديداً لها.

وفي جريمة الابتزاز الإلكتروني تقع النتيجة الجرمية بمجرد قيام الجاني بتهديد المجني عليه بإفشاء سر من أسراره التي يعتبرها أمرا لا يجب الاطلاع عليه امام الملأ ، وكان التهديد بأمر غير مشروع ، طالما سبب ذلك الخوف والهلع والتأثير على إرادة نفسية المجني عليه بأن القى في نفسه قلقا من قيام المبتز بتنفيذ تهديده.

ثالثاً: علاقة السببية:
علاقة السببية العنصر الثالث من الركن المادي للجريمة، وهذه العلاقة يجب أن تكون الجريمة سبباً للسلوك الاجرامي، وبدون هذه العلاقة لا يمكن نسبة الجريمة إلى الفاعل، ففي جرائم الابتزاز الإلكتروني لو أن النتيجة تحققت بإفشاء أسرار المجني عليه ولكن بفعل شخص آخر لم يكن هو المبتز، أو بسبب ضياع هذه المستندات وانتشارها بمحض الصدفة، فلا مسؤولية على الفاعل حيث أن علاقة السببية انتفت، ولربما يسأل عن جريمة أخرى بحسب التكييف القانوني للفعل.

المطلب الثالث: الركن المعنوي للجريمة:
ينهض القصد الجنائي على عنصرين هما أولا: العلم: ويقصد به علم الجاني بنتيجة السلوك الذي يرتكبه، والوقائع التي تتصل بها، والتي تعد من عناصر الجريمة والعلم بموضوع الجريمة، فيجب أن ينصب علمه على أن ما يقوم به من الحصول على صور فاضحة لحد الأشخاص وتهديده بهذه الصور مقابل الحصول على منفعة جريمة يعاقب عليها النظام، هنا يتحقق العلم وتكتمل أركان الجريمة، كما ينبغي ان يكون عالما بماهية الفعل أو الامتناع المجرم ، كما يعلم أن فعله يلحق ضررا بالمجني عليه، ولا عبرة في قيام القصد ان انصرفت الإرادة إلى هذه النتيجة إذ يكفي توقعها العلم المسبق بها

والأصل ان يحيط الجاني في الابتزاز الإلكتروني بكل العناصر التي تكون الجريمة بكل أركانها، ولكن المسؤولية الجنائية تقوم في جرائم العمد فقط، فهذه الجريمة لا تكون الا عمدية.

والجهل هو عكس العلم، ويعني انتفاء العلم، وقد يقع الفاعل في غلط بالوقائع، مما يرفع عنه المسؤولية الجنائية، هذا لا يتعارض مع قاعدة عدم جواز الاعتذار بالقانون، اذ ان بلغ الانسان وتيسر العلم له، يجعل هناك إمكانية للعلم به بما يمتنع معه الاعتذار بالجهل بالقانون.

ثانياً: الإرادة:
تعتبر الإرادة هي الدافع الأساسي للسلوك الاجرامي ، ويجب أن تكن هناك إرادة للسلوك والنتيجة في نفس الوقت، كمن يعقد عزمه بأن يقوم بابتزاز فتاة بمعلومات سرية تشينها، واراد تحقق نتيجة أن يحصل على المال.

وتنقسم الإرادة إلى قسمين، إرادة الفعل وإرادة النتيجة، فلكي تقوم المسؤولية يجب اثبات ان إرادة الفاعل اتجهت إلى القيام بهذا الفعل، وذلك دون أن تقع ارادته في عيب من عيوب الإرادة، كأن يكون مختارا ومدركا أنه يحصل على معلومات وصور سرية وخاصة بالضحية من مستودع اسرار الأخير فإن كان مكرها فلا يوجد قصد جنائي، ولا تقوم مسؤولية الفاعل المكره، كما أنه لقيام المسؤولية الجنائية لابد أن يتحقق القسم الثاني من الإرادة وهو إرادة النتيجة فلابد أن تتجه إرادة الجاني إلى تحقق النتيجة الاجرامية من فعله بالحصول على المنفعة المادية أو المعنوية أو اللاأخلاقية.

والباعث على الجريمة هو القوة المحركة للإرادة أو الدافع إلى اشباع حاجة معينة كالبغضاء والمحبة والجوع، ويقوم قبل مباشرة النشاط الاجرامي، ولا عبرة للباعث سواء كان نبيل أو شرير في قيام الجريمة.

#التوعية_القانون_لجنائي

#مجلة_نهر_الأمل

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى