الاخبار

إنطلاق مبادرة تأهيل وإعداد الدُّعاة والوعَّاظ لاستخدام لغة الإشارة

بمناسبة اليوم العالمي للغة الإشارة

إنطلاق مبادرة تأهيل وإعداد الدُّعاة والوعَّاظ لاستخدام لغة الإشارة

خلال كلمته فى فعاليات تدشين مبادرة “تأهيل وإعداد الدُّعاة والوعَّاظ لاستخدام لغة الإشارة”

 مفتي الجمهورية يؤكد: رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة تكريم إلهي تجسد في القرآن والسنة وتطبيق عملي في سيرة النبي ﷺ

 


مبادرة تأهيل الدعاة لاستخدام لغة الاشارة

 

تقرير: وفاء آلاجة

 

أكد فضيلة أ.د. نظير محمد عياد مفتى الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم خلال كلمته في حفل تدشين مبادرة “تأهيل وإعداد الدُّعاة والوعَّاظ لاستخدام لغة الإشارة” وإطلاق منصَّة دعويَّة لخدمة الصُّم؛ بمناسبة اليوم العالمي للغة الإشارة، التي ينظمها مجمع البحوث الإسلامية، بالتعاون مع المنظَّمة العالميَّة لخرِّيجي الأزهر، والمجلس القومي للأشخاص ذوى الإعاقة، أن هذا اللقاء يمثل محطة مهمة تحمل دلالات متعددة، في مقدمتها عمق العلاقة بين المؤسسات الدينية والأهلية والمدنية بما يسهم في التنمية والبناء الفعال للإنسان والعمران للأوطان، إلى جانب التأكيد على ضرورة أن تكون النظرة إلى جميع البشر واحدة دون تمييز بينهم لأي سبب من الأسباب، انطلاقًا من قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}، مشيرًا إلى أن الأزهر الشريف، بجامعه وجامعته، وقطاعاته المختلفة وفي مقدمتها مجمع البحوث الإسلامية، ظل عبر تاريخه يعنى بخدمة أفراد المجتمع على اختلاف أحوالهم، معتبرًا أن هذا اللقاء ملمح مهم في مسيرة تجديد الخطاب الديني، لأن التجديد الحق يقوم على خطاب رشيد يصل إلى جميع الناس على اختلاف مستوياتهم وأفهامهم، ويوضح ويصوب قضايا الدين وأحكامه، لافتًا إلى أن شريحة ذوي الهمم لا يمكن أن يتحقق البناء الإنساني أو العمراني إذا أُهملت حقوقها

 

 

وأوضح مفتي الجمهورية أن الإسلام أولى ذوي الاحتياجات الخاصة عناية بالغة، حيث ورد ذكر صور متعددة من الإعاقات في القرآن الكريم، كما تناولتها السنة النبوية الشريفة في أحاديث متعددة، وقد حثت النصوص الشرعية المجتمع الإسلامي على رعايتهم والتضامن معهم، والوقوف إلى جانبهم، والعمل على إيجاد حياة كريمة لهم، فالإسلام قد حرص على تكريمهم ومواساتهم حينما قال سبحانه، «مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ»كما وردت الأحاديث التي ترفع من شأنهم وتعدهم بالجنة جزاء صبرهم كقوله ﷺ: «مَنْ سَلَبْتُ كَرِيمَتَيْهِ [يعني عينيه] أَثْبَتْتُهُ عَلَيْهِمَا الْجَنَّةَ». وقد مثَّل النبي ﷺ القدوة الحسنة في التعامل معهم ورعايتهم، فاستجاب لحاجات الصحابي عتبان بن مالك حين ضعف بصره فجاء وصلى في بيته ليتخذه مصلى، كما استجاب لامرأة كان في عقلها شيء فقضى لها حاجتها، وفي ذلك دلالة على وجوب رعايتهم صحيًا واجتماعيًا واقتصاديًا ونفسيًا، وقضاء حوائجهم وسد احتياجاتهم

وأشار المفتي إلى أن الشريعة الإسلامية حرصت على دمج ذوي الهمم في المجتمع وعدم عزلهم، فجعلت لهم أدوارًا مهمة؛ فقد استخلف النبي ﷺ ابن أم مكتوم رضي الله عنه على المدينة مرتين ليصلي بالناس وهو أعمى، وكان مؤذنًا للنبي ﷺ، كما عالج القرآن ممارسات المجتمع الجاهلي الذي كان يقاطعهم ويمنعهم من المشاركة في حياتهم الطبيعية، فأنزل الله تعالى قوله: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ…} تأكيدًا لحقهم في الحياة الكاملة. وحذرت النصوص من السخرية منهم أو احتقارهم؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ…}، وقال النبي ﷺ: «بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم»، بل لعن النبي ﷺ من ضلّل الكفيف أو آذاه بقوله: «ملعون من كمه أعمى عن طريق»، كما شددت الشريعة على المسؤولية المجتمعية تجاههم، لقوله ﷺ: «ألا كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته»، وأكدت على تخفيف بعض التكاليف الشرعية عنهم، كما في نزول قوله تعالى{غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} في شأن من لم يستطع الجهاد بسبب إعاقته

 

 

واختتم كلمته بالتأكيد على أن الإسلام لم يفرق في الرعاية بين المسلمين وغيرهم، بل ساوى بين الجميع في الاهتمام بذوي الهمم، كما كان التاريخ الإسلامي زاخرًا بالشواهد على ذلك؛ فقد أصدر الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز قرارات تكفل الرعاية للأعمى والمقعد ومن به زمانة، وأمر بتخصيص قائد لكل أعمى وخادم لكل اثنين من أصحاب العجز. كما ابتكر الخليفة الوليد بن عبد الملك فكرة إنشاء مؤسسات متخصصة لرعايتهم وتوظيف الأطباء والخدام لهم وصرف الرواتب لهم ليغنيهم عن سؤال الناس، وهكذا أولاهم الإسلام عناية شديدة ووضعهم في مكانتهم اللائقة، وأتاح لهم فرصة الاندماج والمشاركة في جميع أنشطة الحياة وفعالياتها اليومية، وأن البناء للإنسان والعمران للأوطان لا يكتمل إلا برعاية حقوق هذه الفئة الكريمة ودمجها في المجتمع دمجًا كاملًا

وأكد د.عباس شومان أمين عام هيئة كبار العلماء، رئيس المنظمة العالمية لخريجي الأزهر: إن اليوم ترسيخ واضح لأحقية ربط فئة هامة في المجتمع المصري من إخواتنا ذوي الإعاقة، فهم جزء لا يتجزأ منه، وكثير منهم مفيد ومنتج في العملية التنموية المجتمعية، ونحن هنا نشجعهم، ونشدد على أيديهم، لتسهيل آلية مشاركتهم بلغة الإشارة في العمل الدعوي، وأنقل لهم ولكل من ساهم فى إطلاق هذه المبادرة الجليلة: تحيات فضيلة الإمام الأكبر، الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، الذي لا يدخر جهدا في احتضان كافة أطياف المجتمع المصري وأبنائه، من الطلاب والأساتذة والواعظين، لتوصيل رسالة الأزهر السمحة المعتدلة

 

 

 

ولاتعد هذه المبادرة الفاعلية الأولى للتعاون بين الأزهر والأشخاص ذوى الاعاقة فقد تم التعاون من قبل لإعداد ترجمة فورية بلغة الاشارة لخطبة الجمعة بلغة الاشارة وتأتى مبادرة تأهيل وتدريب الدعاة والوعاظ لاستخدام لغة الاشارة للتواصل المباشر بين الواعظ والأشخاص من ذوى الاعاقة السمعية دون وسيط لتوفير آلية مثل منصة دعوية لخدمة الصم وضعاف السمع

 

وأشارت د.إيمان كريم المشرف العام على المجلس القومى للأشخاص ذوى الاعاقة إن انعقاد هذا التدريب اليوم يحمل دلالات كبيرة، فهو يأتي بالتنسيق المثمر مع مشيخة الأزهر الشريف ممثلة في مجمع البحوث الإسلامية، والمنظمة العالمية لخريجي الأزهر، ويتزامن مع اليوم العالمي للغة الإشارة، لنؤكد أن لغة الإشارة ليست مجرد وسيلة تواصل، بل جسر يربط بين القلوب والعقول، ويعكس إيماننا بحق كل فرد في أن يكون جزءًا من المنظومة المعرفية والدينية والمجتمعية دون عوائق أو تمييز

 

وأكدت إن الدور الذي يقوم به الأزهر الشريف على مر العصور في نشر الفكر الوسطي المستنير ومواجهة الأفكار المتطرفة، يتعزز اليوم عبر هذه المبادرة الرائدة، التي تجعل خطاب الوعظ والإرشاد أكثر شمولًا، وأكثر قدرة على الوصول إلى قلوب جميع المسلمين

 

وأشارت لأهمية هذا التعاون المبارك بين المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة ومؤسسات الأزهر الشريف، فإننا نضع نصب أعيننا أن يكون هذا التدريب بداية لسلسلة من البرامج المستمرة، التي تمكّن رجال الدين والدعاة من أدوات جديدة للتواصل، وترسّخ في الوقت نفسه قيم الرحمة، والمساواة، والاندماج المجتمعي

 

كما يحرص المجلس على تعزيز ثقافة الإتاحة والشمول، من خلال عقد شراكات استراتيجية مع المؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية، بما يضمن وصول الرسائل التوعوية والدينية إلى جميع الأشخاص ذوي الإعاقة، وبخاصة الاعاقه السمعيه وهو ما نضع لبنته اليوم عبر تدريب الوعاظ والواعظات على لغة الإشارة

 

وإختتمت كلمتها بتوجيه الشكر والتقدير لمشيخةالشريف، ولمجمع البحوث الإسلامية، وللمنظمة العالمية لخريجي الأزهر، على تعاونهم الصادق، كما أشكر السادة الوعاظ والواعظات على التزامهم، والمترجمين على دورهم المخلص، وأبنائنا من الصم وضعاف السمع على مشاركتهم الفاعلة والمتخصِّصين والمعنيين ببرامج ذوي الهِمَم

 

شهد تدشين المبادرة أ.د. محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف وفضيلة أ.د. سلامة داود رئيس جامعة الأزهر، و أ.د. عبَّاس شومان الأمين العام لهيئة كبار العلماء، رئيس المنظَّمة العالمية لخريجي الأزهر، والشيخ أيمن عبد الغني رئيس قطاع المعاهد الأزهريَّة، وأ.د محمد عبد الدايم الجندي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والدكتورة إيمان كريم المشرف العام على المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، والدكتورة نهلة الصعيدي مستشار شيخ الأزهر لشئون الوافدين، والدكتورة إلهام شاهين مساعد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة لشئون الواعظات، وعدد من علماء الأزهر والشخصيًّات العامَّة، والمتخصِّصين والمعنيين ببرامج ذوي الهِمَم

#مجلة_نهر_الأمل

 

اظهر المزيد
صورة wafaa alagaa

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى