الاخبار

الموارد المائية العربية ومعوقات إستثمارها

الموارد المائية العربية ومعوقات إستثمارها

تغطية إخبارية: وفاء ألاجة

شهدت مجلة “نهر الأمل” فعاليات الندوة الأخيرة من البرنامج العلمى الثالث لتحديث وتطوير الزراعة المصرية الذى نظمته الأمانة العامة لاتحاد المهندسين الزراعيين العرب برئاسة الدكتور يحيى بكور الذى أكد أهمية هذا البرنامج لتبادل الخبرات الزراعية والتكامل بين المنظمة العربية للتنمية الزراعية ووزراء ومدراء المنظمات العربية والسادة الأمناء المساعدون والخبراء الذين تحدثوا خلال فعاليات البرنامج عن خطط تطوير الزراعة العربية وألقوا الضوء على الانجازات التى حققتها منظمات العمل العربى المشترك والتى ساهمت فى تحسين الانتاجية ، وإعداد كوادر فنية لإحداث التنمية الزراعية المستدامة.

وتقدمم الأمين العام لاتحاد المهندسين الزراعيين العرب بالشكر لكل من ساهم فى حلقات البرنامج الثالث وأضافوا بخبراتهم ولاسيما منظمة “أكساد” ومديرها وخبراءها الذين شاركوا فى أنشطة البرنامج ، كما توجه بالشكر الهيئة العربية للإستثماروالاتحاد الزراعى للمساهمات التى أضافها والتى أدت لنتائج وتوصيات هامة لتكوين رؤية ثابتة لمعالجة التحديات وتفعيل الإستثمار لاحداث التطوير الشامل وتنفيذ المشروعات التى تضمنتها إستراتيجية التنمية العربية المستدامة لتحقيق الأمن الغذائى العربى.

وأشار لجهود السادة وزراء الزراعة السوريين الذين عرضوا سياسات التكيف مع ظروف الجفاف وناقشوا بخبرتهم المؤسسية أسس تخطيط منظومة التطوير الزراعية وشاركوا فى مناقشات الندوات ليساهموا فى تبادل الخبرات مؤكدين أهمية تولى وزارة الزراعة خبيراً زراعياً لديه متطلبات التنمية الزراعية ويقترح الخطط وبرامج معالجة التحديات التى تعيق تحقيق أهداف .

وتعد أولويات تخصيص المياه من القطاعات الأكثر أهمية عندما تكون دولنا العربية قريبة من خط الفقر المائى وتناولت محاضرة هذه الندوة ” الموارد المائية العربية ومعوقات إستثمارها” وألقاها الدكتورإسماعيل السعدى مدير الأراضى والمياه الأسبق فى وزارة الزراعة السورية والمحاضر بكلية الزراعة وعضو اللجنة الدولية للرى والصرف مشيراً لأهمية الماء فى حياتنا وإزدياد الحاجة اليه كلما زاد التقدم مصنفاً المياه لمياه تقليدية تأتى من الأنهار والأمطار والأبار الجوفية والسيول ، ومياه غير تقليدية تأتى من مياه الصرف الزراعى والصحى .

وتبلغ نسبة المياه المالحة 76% من المياه على سطح الأرض ولاتزيد نسبة الأراضى التى تضم مياه عذبة سوى 2.5% فقط ويستأثر الوطن العربى على نسبة 4فى الألف بمايوازى 11 ألف كيلومتر مكعب من المياه سنوياً ويبلغ نصيب الفرد العربى من المياه 1058 متر مكعب وتقع معظم البلدان العربية تحت خط الفقر المائى مما يتحتم علينا التعمق فى دراسة هذا الواقع ومعرفة تقنياته ونظمه وإعداد دراسات الجفاف ودورته التى مازالت فى معظم البلدان العربية أقل من المستوى المطلوب .

وتعد الزيادة فى الطلب على المياه أمر طبيعى لمواجهة الزيادة الكبيرة فى عدد السكان كما أن الأساليب المتبعة تزيد الفجوة بين الطلب والاحتياج والمتوفر من المياه ،وقد بذلت الأقطار العربية جهود عديدة لتوفير الموارد المائية من المياه الجوفية ولدينا شواهد على ذلك مثل النهر الصناعى العظيم الذى قامت ليبيا بشقه بطول 8500 كيلومتر من الجنوب للشمال وأدى لتوفير 150ألف هكتار فى المرحلة الأولى ومن المتوقع توفير 300 ألف هكتار فى المرحلة الثانية  ،وكذلك أمكن الحصول على المياه الجوفية فى بادية الحسكة بسوريا وإندفعت المياه بإرتفاع 2.5 متر وبغزارة بلغت 765 لتر فى الثانية .

وينبغى علينا التعمق بدراسة المياه الجوفية وتقدير كميات المياه الموجودة بالأبار لتغيير مقولة العجز المائى وإتباع الأساليب الحديث لحماية الموارد المائية فالاستثمار أدى لتدهور نوعية المياه الجوفية ويتطلب ذلك تنمية الموارد المائية التقليدية وترشيد إستخدام المياه وزيادة كفاءة إستخدام الوحدة المائية ورفع كفاءة الرى السطحى والذى لاتزيد كفاءته عن 50% فى معظم الحالات .

وعلينا الاستفادة من مياه السيول وحصاد الضباب التى تحرص سوريا على الاستفادة منها بنسبة ثلاثة مليارات وستمائة ألف مليار متر مكعب ويعد هذا نوع من إستثمار المياه تقوم به سوريا .

ويمكن الاستفادة من مياه الصرف الصحى بعد معالجتها فى العديد من الأقطار العربية والتى تقد بثمانمائة مليار متر مكعب وإستخدامها فى رى الحدائق والنباتات التى لاتؤكل ثمارها ، وكذلك يمكننا الاستفادة من مياه الصرف الزراعى ولكن لاتوجد طريقة لتحديد كمياتها ، والعمل على ترشيد إستخدامات المياه التقليدية والتوسع فى مشروعات الرى الكبرى التى تتبعها كل من مصر والسودان والعراق .

كما ينبغى معالجة مشكلة نقص المعرفة بالموارد المائية فلاتزال المعرفة بمكونات الدورة الهيدرولوجية مجهولة فى العديد من مناطق الوطن العربى ، وتكوينات مياه السيول غير دقيقة وتفتقر للمعلومات وموارد المياه الجوفية بشكل عام غير محددة بالوطن العربى ، وكذلك الأمطار فى الأماكن الجافة تكون سيول غير مخطط الاستفادة منها ونلاحظ عدم كفاءة البنية التحتية لشبكات نقل المياه من الصرف الصحى ومحطات المعالجة ونقص منشأت الضخ والتشغيل والتخزين.

وأكد الدكتور إسماعيل السعدى على أهمية إعتماد سياسات للأمن الغذائى لأن 75% من الموارد المائية تستثمر بالزراعة المروية ونعانى من توافر الأمن الغذائى الكامل فهناك فجوة غذائية قدرت عام 2020 بحوالى 18.5 مليار دولار ، وإعتمدت بعض الدول سياسات للأمن الغذائى لاينبغى التراجع عنها لما لها من أثارعلى الجانب السياسي ، مع سن القوانين للحد من إستهلاك المياه فى الزراعة لتحقيق الأمن المائى مما ينبغى تحسين القطاع الزراعى وتعظيم العائد الاقتصادى للوحدة المائية حتى نحقق التوازن بين الأمن الغذائى والأمن المائى .

وأشار لأهمية إقتناع الدول لتبنى التقنيات الحديثة وتحديث البنية التحتية للتنمية لمواجهة تحديات ومعوقات تطور القطاع المائى ، ومعالدة تدهور نوعية المياه وهو أحد أسباب الحفاظ على الأمن المائى ولكنه ليس سبباً رئيسياً نتيجة لمشكلات زيادة الطلب على المياه ، والتوزيع الاقليمى غير المتوازن وغياب شبكات الصرف الصحى والزراعى والصناعى وهذا المعوق يمكن معالجة مسبباته مع ظهور مؤشرات لزيادة تلك المشكلة على إمتداد الوطن العربى.

وتوجد مشكلة تواجه الأقطار العربية التى تأتى لها المياه من الموارد المائية المشتركة مع دول غير عربية مع تزايد الطلب على المياه ومعظم المياه المشتركة لاتحكمها إتفاقات تقاسم عادلة للمياه وتقف عائقاً أمام تخطيط الاستثمارات المائية وتزيد من العجز المائى مما يؤدى لصراعات سياسية ، وتواجه الدول العربية غياب النظرة التكاملية عن الموارد المائية والادارة السيئة للموارد المائية .

وتأتى التكاملية فى مقدمة الحفاظ على الموارد المائية وتحقيق أهداف السياسة المائية والتوازن بين ندرة المياه وتحقيق إحتياجات السكان ،وينبغى تنمية قدرات الكوادر البشرية المدربة وسن التشريعات المائية لإنجاز سياسة مائية تحدد أهداف الدولة وتضع منهجاً للوصول للأهداف المحددة لاستراتيجيتها لتكون السياسة المائية واضحة ومحددة لأن عدم واقعيته يؤدى لخلق صعوبات خطيرة وتعد من أخطر المعوقات التى يشهدها القطاع المائى .

وهناك معوقات تشريعية فالدول العربية تحتاج قوانين لتقنين إستخدامات المياه العذبة ، وتحديد مفهوم الوسط المائى ، وتحديد حرم الموارد المائية السطحية وحقول الأبار وكيفية إستثمار الموارد المائية ، وللتصدى للمعوقات الاقتصادية ينبغى وضع الخطط والبرامج لتوفير التمويل الكافى لمواجهة إرتفاع تكاليف المنشأت المائية من سدود وخزانات ، وطرح مشروعات جديدة لتنمية الموارد المائية ومعالجة تدهور الأراضى بسبب الملوحة ويتطلب ذلك تمويلا تعجز عنه بعض الدول.

ولمواجهة المعوقات الاجتماعية الناجمة عن زيادة السكان وتأمين الطلب على المياه وزيادة الفجوة بين الطلب والاحتياج يجب معالجة ضعف الوعى البيئى والمائى ومعالجة التوجه الاقليمى غير المتوازن الذى لايتناسب مع التنوع الاقليمى والاستخدام الجائر وتزايد الصراع بين المدن والأرياف لتأمين مياه الشرب وحرمان الرى الزراعى وتأثيره على ميتوى السياسات المائية ، وتشير الدراسات المستقبلية لاستبعاد حوالى 13 مليون هكتار خلال النصف الأول من هذا القرن ويحتاج الأمر خمسين عاماً لتعويضها من خلال سياسات التنمية المائية الأفقية لدول العالم.

ويعد الوطن العربى أكثر بقاع العالم جفافاً وتقع فى الحزام الصحراوى الجاف بالرغم من غنى تلك الدول بمصادر الطاقة ، وتبذل جهود علمية للتوسع بالموارد المائية لاسيما وأن 90% من الموارد المائية تقع خارج أراضيه ومعرضة للنقصان وتعانى من عدم وجود إتفاقيات دولية لتأمين المياه وقد أثر ذلك على تحقيق الأمن الغذائى الذى لاتستطيع الدول الا الوفاء بحوالى 78% من إحتياجاتها الغذائية،وتزداد فجوة العجز المائى  فمن المتوقع أن تصل عام 2025 لنسبة 24% وتزداد عام لتصل 377مليار متر مكعب من المياه  .

وأوصى الدكتور إسماعيل السعدى بمراعاة  نقص المياه فى منطقة شبه الجزيرة العربية والتى توفر مياه الشرب عن طريق تحلية المياه وتوفير المياه الجوفية للزراعة وإستغلال مياه شط العرب وإستثمارها لحل المشكلات المائية ، وتكثيف الدراسات لاقامة شبكات رصد المياه الجوفية والسطحية وتبنى نظم لتيسير تبادل المعلومات وإعداد مسوحات للمياه السطحية والجوفية وإعداد خرائط هيدرولوجية  تعكس الحالة الراهنة للموارد المائية وهى إحدى الوسائل الحديثة للتخطيط ، وتطبيق مشروعات إستثمار الغيوم لتوفير كميات من المياه العذبة تقدر بمليارات الأمتار ، والتوسع فى البحوث التطبيقية لإنشاء مشروعات رائدة فى الوطن العربى وتنفيذ التغذية الصناعية للأحواض الجوفية ، وإستخدام مياه الصرف الصحى فى رى الحدائق ، وإستحداث مركز يتولى مسؤلية متابعة كافة شئون الموارد المائية بالوطن العربى وتنميتها.

#مجلة_نهر_الأمل

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى