الاخبار

كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية بمناسبة إحياء اليوم العربي للأسير الفلسطيني.

خلال ندوة "دعم حقوق الأسرى في مواجهة الانتهاكات والتنكيل الإسرائيلي".

كلمة معالي السيد أحمد أبو الغيط – الأمين العام لجامعة الدول العربية في الجلسة الافتتاحية لندوة ” دعم حقوق الأسرى في مواجهة الانتهاكات والتنكيل الإسرائيلي” ،ألقاها نيابة عن معاليه سعادة السفير سعيد أبو علي ، الأمين العام المساعد ، رئيس قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة، – اليوم – بمناسبة إحياء اليوم العربي للأسير الفلسطيني.

 

لطالما أولت جامعة الدول العربية، قضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الإسرائيلية، اهتماما بالغاً وكبيراً، من موقع الالتزام القومي؛ وانطلاقا من كون القضية الفلسطينية، القضية المركزية للعرب جميعاً، مهما كانت الظروف التحديات وقد تَجسد ذلك في جميع قرارات مجلس الجامعة، في دوراته المتعاقبة على كافة مستوياته،، والتي تؤكد جميعُها ان قضية الأسرى هي قضيةُ حقٍ وعدالة، مستمدةٍ من النضال المشروع للشعب الفلسطيني، وصولاً الى قرار مجلس الجامعة على مستوى القمة، في دمشق (2008) ، القاضي باعتبار يوم، السابع عشر من شهر نيسان/أبريل من كل عام، يوماً عربياً للتضامن مع الأسير الفلسطيني، ودعماً لحقه بالحرية،

لقد اكدت جامعة الدول العربية، دعمها والتزامها بقضية الاسرى الفلسطينيين، حتى تحريرهم واعادة ادماجهم في مجتمعهم الفلسطيني، بكل السبل والإمكانات السياسيةِ والدبلوماسيةِ والقانونيةِ والإعلامية، بما فيها الدعم المادي، من خلال إنشاء الصندوقُ العربي لدعم الاسرى، والذي اقرته قمة الدوحة عام 2013،،، ذلك الصندوقُ الذي ينبغي استمرارُ الالتزامِ بتوفيرِ مواردهِ وتعزيزها ليواصلَ النهوضَ بالمهام الموكلة له، والتي تعزز ما تقوم به السلطة الفلسطينية من واجبات وتتحمله من مسؤوليات وطنية نحو الاسرى، كما الشهداء وعائلاتهم، رغم كل الضغوط التي تتعرض لها في هذا المجال.

إن إحياءَ يوم الأسير الفلسطيني في بيت العرب هذا العام، يأتي تقديراً لنضالات الأسرى ومكانتهم في ضمير شعبهم وأمتهم، وتأكيداً على مواصلة الجهود العربية، نصرة للأسرى ودعماً لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني، في الحرية والعودةِ وبناء الدولةَ المستقلةِ وعاصمتها القدس، وتذكيراً للعالم، بمعاناة الأسرى في سجون الاحتلال، جراء الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة والممنهجة، لأبسط حقوقهم، في غياهبِ سجونٍ وصفتها المؤسساتُ الحقوقيةُ الدولية المعنية، بالأسوأ على المستوى العالمي،،، بما يحتمُ تسليطَ الضوءِ على ما يتعرضون له، من شتى أشكال التعذيب، وأساليب المساس بكرامتهم وحقوقهم الإنسانية، المكفولةُ في القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وكافة المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالأسرى، والتي تستمر السلطات الاسرائيلية بانتهاكها.

وهنا، فإن جامعة الدول العربية، وإذ تحمل السلطات الإسرائيلية، المسؤولية الكاملة عن معاناة الاسرى، فإنها تجددُ مطالبةَ الدولِ الأطرافِ في اتفاقية جنيف، والمؤسسات الدولية المعنية، بمواصلة دورها وتحركاتها بخصوص الأسرى العرب والفلسطينيين، وإنفاذ قواعد القانون الدولي الإنساني، بل ان المجتمع الدولي مطالبُ بضرورةِ تحمل مسؤولياته في هذا الصدد، ليس فقط من خلال إدانة الانتهاكات الفاضحة للقانون الدولي التي ترتكبها السلطات الإسرائيلية، ولكن أيضا، من خلال ضمان أن تحترمَ إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، لكامل التزاماتها المنصوص عليها في اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بالأسرى، وضرورةِ مساءلةِ إسرائيلَ عن انتهاكاتها الممنهجة لحقوق الإنسان وللأسرى والمعتقلين الفلسطينيين.

وتطالبُ الهيئات الدولية المعنية، خاصة مجلسُ الامن، والجهات الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان والعدالة الدولية، تنفيذ قراراتها بشأن توفير الحماية للشعب الفلسطيني، وخاصة تطبيق قرار مجلس الامن 2334 بصورة عاجلة، بما يضع حداً لهذا الاستخفافُ والتحدي، لقرارات وإرادة المجتمع الدولي، على طريقِ انهاءِ الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من الحرية والاستقلال.

وإذ تحي جامعة الدول العربية اليوم العربي للأسير الفلسطيني، فإنها تستحضر ذكرى “يوم الأرض الفلسطيني” المجيد التي تصادف اليوم،، وتوجه تحية اجلال لأرواح شهداء يوم الأرض وتحيّ ابناء الشعب الفلسطيني الذي اتخذ من هذا اليوم مناسبة وطنية، ويوماً تاريخيا مشهوداً، للتعبير عن صمود والتمسك التاريخي بالأرض والهوية والوطن،، ولتذكير العالم بنضالهم المتواصل في مواجهة احتلال غاشم، يمارس أبشع سياسات الاستيطان الاستعماري والتطهير العرقي.

في هذه المرحلة المصيرية التي يجتازها العالم، وما يواجهه من تحديات الوباء والحرب الجارية، وما ترتبه من انشغالات واولويات، تواصل سلطات الاحتلال تنفيذ مخططاتها، في محاولة منها لتغييب القضية الفلسطينية وتصفيتها، كما تواصل تنفيذ الجرائم، والتي – استناداً الى نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية- تُعد جرائم حربٍ وجرائمَ ضد الانسانية. سواءٌ تلك المتعلقةُ بالاستيطان والتطهير العرقي، او تلك المتعلقةِ بالتهويد القسريِ والاعدام الميداني، التي تضاف الى ما يعانيه الاسرى في المعتقلات.

ويؤسفني القول، ان كل يوم يمر على الأسرى والمعتقلين في السجون، بل في بقاء الاحتلالِ واستمرارِ سياساته وعدوانه، وحرمان الشعب الفلسطيني، من حقوقه الوطنيةَ الثابتة، يمثل تقصيرا دولياً في حق الشعب الفلسطيني، وحق اولئك الذين لم يحلموا، سوى بوطنٍ وأرضِ وحرية، مثل باقي البشر، اذ تواصل سلطات الاحتلال، الى جانب ما ترتكبه من انتهاكات بحقهم،، المراوغة وافشال كل الجهود العربية والدولية، لتحقيق أي اختراق في قضية الاسرى، يسهم باي شكل في مسارات ومتطلبات تحقيق السلام، مراوغتها في مختلف متطلبات واستحقاقات الدخول في مفاوضات جادة لتحقيق السلام، الذي بتنا نفتقده، ونشهد سياسات وإجراءات السلطات الإسرائيلية المستمرة، لتقويض كل اسسه ومبادئه، بما فيها حل الدولتين، المعبر عن إرادة المجتمع الدولي، ما يضاعف من المسؤولية الدولية.

ان علينا جميعا تحمل مسؤوليتنا تجاه الشعب الفلسطيني، الذي يواجه آخر احتلالٍ عنصريٍ على وجه الأرض، فهي مسؤولية دولية تحتاج الى تحرك فاعل وجاد، لوقف الظلم وانهاء الاحتلال، من اجل ايجاد حل عادل وشامل بما في ذلك قضيةُ الاسرى، باعتبارها واحدة من قواعد واسس تحقيق ذلك السلام الذي ننشده.

إن التطورات على الساحة الدولية، جعلت الكثيرين ينظرون إلى معاناة الشعب الفلسطيني بعينٍ جديدة، وهي المعاناة التي امتدت لما يزيد على السبعين عاماً… من دون أفقٍ حقيقيٍ للحل، طبقا لما نصت عليه قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وخاصةَ مجلسُ الامن في قراراتٍ متعاقبة، لم يكتب لها النفاذ، جراءَ المواقفِ والسياساتَ الإسرائيلية، وامعان سلطات الاحتلال في تنفيذ مشاريعها، الهادفةَ لتصفيةِ القضية الفلسطينية، بتجاهلٍ تام بل وتحدٍ صارخ لقرارات الشرعية الدولية التي خضعت للمعايير المزدوجة، والكيل بمكيالين بما أضعف من قدرة النظام الدولي الذاتية.

 وهنا، نود إعادة التأكيد، إن النظام الدولي كما نصبو إليه، لا يمكنه القبول، باستمرار الاحتلال وسياساته وتداعياته، لا يمكنه تقبل استمرار هذه الجرائم، مكتفياً بالشجب والادانة، كما لا يمكنه منحُ المكافآت للاحتلال، لا يُمكن أن يقوم على المعايير المزدوجة أو التمييز ولذلك فإننا نطالب كافة القوي الدولية، أن تتحمل مسؤولياِتها التي ألزمها بها ميثاق الأمم المتحدة، في التعامل مع كافة القضايا والأزمات ،بمسطرةٍ واحدةٍ من فرض احترام القانون الدولي، ومبادئ وأحكام ميثاق الأمم المتحدة.

ختاماً، نتوجه بالتحية الى هؤلاء المناضلين، الذين لم ترهبهم حراب السجان وبطشه، ونحن نرى سلسلة من وقفاتهم البطولية لمجابهة الاحتلال، بما في ذلك مواجهاتُ الأمعاء الخاوية، وتجسيدُ أحلامِ فضاءات الحرية بالإرادة الحرة. وصولا الى حملة المقاطعة الشاملة والنهائية لمحاكم الاحتلال الاسرائيلية الخاصة بالاعتقال الاداري…

تحيةٌ لهؤلاء المناضلين من اجل الحرية، الأحياء منهم والشهداء، اذ لم تسلم، جثامين الشهداءِ هي الأخرى من الأسر،، فيما يسمى بمقابر الارقام العسكرية،، وأملنا لا يتلاشى في أن تُدفن يوما في أرض دولة فلسطين المستقلة.. حتى وإن طال الزمن..

ولنتضامن جميعا مع هؤلاء الذين تُستزف أعمارهم استنزافاً لن يداويه إلا عودةُ الوطنِ، حراً مستقلاً سيداً.

انهم من يؤكدون لنا يوماً بعد يوم أن الشعبُ الفلسطيني، سوفَ ينالُ عاجلاً ام اجلا،ً حقوقه المشروعةَ والعادلة دون انتقاص، وأن حرية فلسطين المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدس الشرقية، قادمةُ لا محالة،

وان انتصار إرادة هذا الشعب المناضل هي الحقيقة وحتمية التاريخ.

#مجلة_نهر_الأمل

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى