تحقيقات وتقارير

دمج وتأهيل الأطفال فى وضعية الشارع

الجامعة العربية والمجلس العربي للطفولة والتنمية وأجفند واليونيسف يعقدون ورشة إقليمية حول

الجامعة العربية والمجلس العربي للطفولة والتنمية وأجفند واليونيسف يعقدون

ورشة إقليمية حول تأهيل ودمج الأطفال الذين يتخذون من الشارع مأوى لهم

تقرير : وفاء ألاجة

شهدت مجلة “نهر الأمل” ورشة العمل الاقليمية الافتراضية  “مداخل ومقاربات لتأهيل ودمج الأطفال الذين يتخذون من الشارع مأوى لهم” التى نظمتها كل من جامعة الدول العربية والمجلس العربي للطفولة والتنمية وبرنامج الخليج العربي للتنمية “أجفند” واليونيسف وذلك بمشاركة الآليات الوطنية المعنية بالطفولة في العالم العربي، والمؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية ذات العلاقة، والخبراء، والإعلام ، وتهدف الورشة إلى التعرف على دور المؤسسات الوطنية والمنظمات الإقليمية والدولية لمواجهة التحديات التي تواجه الأطفال في وضعية الشارع خاصة في ظل جائحة كورونا وحالة الصراعات واللجوء والنزوح التي تشهدها عدد من الدول العربية، مع استعراض المداخل والمقاربات لتأهيل ودمج هذه الفئة من الأطفال، ووضع رؤية مستقبلية نحو تطوير آليات الدعم والتمكين والحماية لهذه الفئة من الأطفال .

وإفتتحت الورشة الوزير المفوض دينا داوى مدير إدارة الأسرة والطفولة بجامعة الدول العربية ،وناقشت الورشة الإقليمية عددا من أوراق العمل التي تتناول نتائج الدراسة التحليلية العربية حول وضع الأطفال الذين يتخذون من الشارع مأوى لهم بالوطن العربي والتي أعدتها جامعة الدول العربية عام 2019، وتأثير جائحة كورونا على الأطفال الذين يتخذون من الشارع مأوى لهم بالعالم العربي،وإستعرض المهندس محمد رضا فوزى مساعد أمين عام المجلس العربى للطفولة والتنمية نموذج المجلس العربي للطفولة والتنمية في تأهيل ودمج هذه الفئة من الأطفال من خلال مشروعه “أنا اخترت الأمل”، الذي تم تطبيقه لمدة أربعة سنوات بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي بجمهورية مصر العربية حيث كان المجلس العربي للطفولة والتنمية من أولى المؤسسات التي أولت اهتماما خاصا بهذه القضية منذ عام 1990، وقام في سبيل ذلك بوضع الاستراتيجيات والسياسات، وتنفيذ المشروعات الوطنية والإقليمية، وعقد ورش العمل التدريبية، وإصدار الأدلة التدريبية والاسترشادية، وتنظيم حملات من أجل تغيير النظرة وكسب التأييد. وتأتي هذه الورشة تواصلا لجهوده وجهود الشركاء في هذا المجال، وتنفيذا لتوصيات لجنة الطفولة العربية – التابعة لجامعة الدول العربية – في دورتها  (25 – سبتمبر2021 )

ويرتكز المجلس على منهجية جديدة لتعميم نموذج ” أنا إخترت الأمل” لتهيئة الطفل واصلاح المؤسسات الرعائية ومواجهة التحديات التى تواجه هؤلاء الأطفال فى وضعية الشارع وما يواجههم من أزمات صحية مثل جائحة كورونا وظروف المتغيرات المناخية والتحولات السياسية والاقتصادية التى يشهدها العالم بالاضافة الى النزاعات المسلحة التى خلفت ملايين الأطفال ، كما تهدف الورشة لطرح مبادرات وطنية فى مجال حماية ودعم وتأيل الأطفال والتطلع للخروج برؤى جديدة وإعادة تحديد مفهوم الطفل فى وضعية الشارع وفقاً لآخر المستجدات ،واعداد الأبحاث التى ترسم واقع هذه الفئة وواجراء مزيد من التشبيك والتنسيق والتعاون نحو استراتيجية عربية تهتم بحماية وتمكين ودمج الأطفال فى وضعية الشارع.

وإستعرض الدكتور أشرف عبد المنعم دراسة تحليلية حول وضع الأطفال الذين يتخذون من الشارع مأوى لهم والخصائص والسمات المميزة لتلك الفة والعوامل المرتبطة بظهور وتنامى تلك الظاهرة والآثار المترتبة عليها مشيراً لاعتماد وزاراء الشؤن الاجتماعية العرب فى اجتماعهم ال39 فى 17 ديسمبر 2019 واعتماد تلك الدراسة التحليلية كوثيقة استراتيجية واعتماد التعريف المدرج للأطفال  الذين يتخذون من الشارع مأوى لهم ووضع تساؤلات حول الوضع الراهن لتلك المشكلة فى ظل المتغيرات الاجتماعية ومعرفة حجم المشكلة ومعرفة عدد الأطفال  لوضع برامج تقدم لتلك الفئة ودراسة تأثير السياسات والأوضاع العالمية على هذه الظاهرة.

وتعددت محاور الدراسة لتشمل محور البيانات الخاصة بالأطفال فى وضعية الشارع والخدمات والبرامج المقدمة لهم ، ومحور الأدوار والمهارات الخاصة بمقدمى الرعاية لهؤلاء الأطفال ومحور الاطفال فى ظل ظروف النزاعات والحروب فى عدد من الدول ،ومحورالسياسات والتشريعات ذات الصلة واستهدفت الدراسة عدة دول هى مصر ولبنان والأردن والسعودية وفلسطين المغرب والسودان والعراق وجيبوتى .

ومن نتائج تلك الدراسة أن هناك دول أشارت لوجود مشكلة ضعف فى القياس للظاهرة ونقص الاحصائيات الرسمية التى تشير لعدد الأطفال فى وضعية الشارع لدى تلك الدول وبعضها باجراء تلك الاحصاءات ولكنها لاتغطى كافة المناطق ، وأكدت الدراسة وجود علاقة طردية بين الحالة التعليمية وزيدادة عدد الأطفال فى الشارع فكلما زاد المستوى التعليمى قلت أعداد الأطفال فى وضعية الشارع وأشارت الدراسة لندرة الاحصائيات حول عدد الفتيات الموجودات فى الشارع لأنهن الأكثر خطورة للتعرض للإساءة والاستغلال الجنسى مما ينتج عن ذلك ظهور جيل ثانى من أطفال الشوارع وصعوبة تقديم حلول لتلك الظاهرة .

وهناك بعض الدول التى تتبنى آليات موحدة للتعامل مع الظاهرة مما يتطلب وضع برامج وخدمات تكاملية تلبى إحتياجات تلك الفئة من الأطفال ولمواجهة النقص الشديد فى فى خدمات الرعاية الاحقة وتقديم البرامج التوعوية بالرغم من أهميتها لتقديم الدعم النفسى لهؤلاء الأطفال ولضمان عدم العودة الى الشارع مرة أخرى ، وهناك دول لديها ضعف فى مشاركة الأطفال فى صناعة القرارات المتعلقة بمستقبلهم وظهور حاجة تلك الدول لمرصد يقوم برصد الانتهاكات التى يتعرض لها هؤلاء الأطفال ،وتعد الأثار الخطيرة للنزاعات المسلحة والحروب على زيادة عدد الأطفال فى وضعية الشارع واستغلال البعض لهؤلاء الأطفال فى الصراعات السياسية  .

مما يتطلب زيادة الخدمات المقدمة لهؤلاء الأطفال ووضع البرامج الوقائية على مستوى الطفل أو الأسرة أو المجتمع والتدريب على المهارات المختلفة للمتعاملين مع هؤلاء الأطفال الذين يتخذون من الشارع مأوى لهم وبناء قدرات المتعامين مع الأطفال اللاجئين وتدريبهم على نهد المشاركة المجمعية ،ومراجعة وتنقيح القوانين والتشريعات المتعلقة بالطفل عامة وهؤلاء الأطفال فى وضعية الشارع والذين إنفصلوا عن أسرهم أثناء النزاعات والحروب  بصفة خاصة لضمان حصولهم على حقوقهم .

وضرورة توحيد المصطلحات المتعلقة بهؤلاء الأطفال وإجراء دراسات تشير لأرقام وأعداد الأطفال الذين يتخذون من الشارع مأوى لهم فى اطار نظرى موحد لتلك الظاهرة لرصد الموازنات التى تعالج من الآثار الناجمة عنها ، وتبنى آليات موحدة  للتدخلات للتشابه الكبير بين أسباب وعوامل ظهور تلك الظاهرة ووضع المعاييرالدنيا للتعامل مع تلك الظاهرة ، وقياس أثر الخدمات المقدمة ومدى تلبيتها لاحتياجات هؤلاء الأطفال وأسرهم ووضع استراتيجية عربية للتصدى لتلك الظاهرة مع التركيز على البرامج الوقائية للحد من الظاهرة ورسم السياسات ووضع الاحصائيات لتلك الظاهرة.

وطرح الدكتور ياسر سليم شلبى قضية “تأثير جائحة كورونا على الأطفال الذين يتخذون من الشارع مأوى لهم فى الوطن العربى” مشيراً لتطور الأثار النفسية والاجتماعيةوالصحية على هؤلاء الأطفال فى ظل جائحة كورونا لاسيما الأثار الصحية فهم الفئة الأكثر إنتهاكاً ويتعرضون للأمراض الصدرية بسبب عوادم السيارات فهم خارج حماية الأسرة ولايحملون أوراق ثبوتية أو هوية للحصول على الخدمات الصحية ولاتتاح لهم البرامج التثقيفية للوقاية من كورونا فغالبيتها يذاع عبر الصحف والانترنت وهذه الوسائل غير متاحة لهم لاتخاذ التدابير الوقائية ،ومن الصعب تحديد عدد متلقى اللقاحات من هؤلاء الأطفال.

ويعانى غالبية هؤلاء الأطفال من الضغوط والمشكلات النفسية ويتعرض المتعاملين معهم أيضاً للعديد من الضغوط النفسية فيزداد كم العنف الموجه لتلك الفئة يصابوا بالتوترنتيجة للعزلة الاجتماعية ، ويتعرضون لعدم المساواة لافتقاد السياسات التى تمنحهم حقوقهم فى التعليم ويتعرضون للاستغلال الجنسى وجرائم الاتجار بالبشر ، كما حذرت اليونيسيف من عدم امتلاك هؤلاء الأطفال للتقنيات اللازمة للتعليم عن بعد .

وأصبح من الضرورى وضع مصطلح واضح للتعريف بهؤلاء الأطفال حتى لاتتهرب بعض الدول والمنظمات من اعطاءهم حقوقهم فهناك من يرى أن المتسولين ليسوا من هؤلاء الفئة وهناك من يستبعد ذوى الاحتياجات الخاصة ولذلك يجب التأكيد على النهج الحقوقى لتلك الفئة وليس النهج التطوعى لانه لايلزم الدول والمؤسسات بالتعامل معهم على إنهم أصحاب حقوق واجبات قانونية ملزمة للدولة واستبعاد النهج التجريمى الذى يعتبرهم من الجانحين والخارجين على القانون ويعتبرونهم خطر على المجتمعات ويزجوا بهم فى السجون ويحرمونهم من حرياتهم .

وأشار الخبير ياسر سليم شلبى لتجربة ” تحالف أطفال الشارع ” التى إستخدمت النهج الحقوقى ورصدت الانتهاكات التى يتعرض لها عدد من أطفال الشارع ونفذت تلك التجربة فى “كولكتا” بالتعاون مع منظمة إستريت انفرت بالمملكة المتحدة بالتعاون مع الهند ، وتم تدريب عدد من أطفال الشارع لمناصرة وحماية أقرانهم خلال الجائحة لأن هناك بعض المناطق لاتصل اليها البرامج والأنشطة التثقيفية .

كما هناك تجربة “انا اخترت الأمل “التى طبقها المجلس العربى للطفولة والتنمية بدعم من “أجفند” بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعى ، وتجربة مصر فى حماية الأطفال بلا مأوى بالاستعانة بفرق متنقلة متوافر بها أخصائيين نفسيين وإجتماعيين ورصد مواقع هؤلاء الأطفال والاستعانة بخط نجدة لتوفير الحماية الاجتماعية لهم ، وتجربة دولة السودان التى نظمتها مؤسسة “من الشارع الى الأمان” فى ولاية كسلا شرق السودان لحماية الأطفال فى وضعية الشارع واقامة مركز يستقبل 75 طفل يومياً لتقديم الدعم النفسى لهم ودعمهم بمستلزمات دراسية ووجبات ومشروبات والعمل على عودة هؤلاء الأطفال للمدارس وتقديم السياسات الحمائية وقت جائحة كورونا ودعمهم بأدوات التعقيم والنظافة .

وبعد الجائحة ينبغى أن نلتزم بميثاق لحماية حقوق الطفل العربى لتنشءة أجيال من الأطفال العرب تتجسد فيهم صورة المستقبل كما فى الميثاق الافريقى ونستثمر فى الجائحة بالتغيير الى الأفضل لاعادة بناء عالم عربى لمستقبل مابعد كورونا وإعتبار هؤلاء الفئة من الأطفال أصحاب حقوق وضحايا إنتهاكات بدلا من النظر اليهم كجانحين والعمل على تعزيز مبدأ المحاسبة والمساءلة القانونية لمن ينتهك حقوقهم.

وينبغى تقوية أنظمة الحماية الاجتاعية وتطوير استراتيجيات حقوقية شاملة واحترام حق هؤلاء الأطفالفى العيش بكرامة ومنع إستخدام القوة وجميع أشكال العنف ضدهم وإقامة وتجهيز مراكز لاستقبال هؤلاء الأطفال وتوفير البيئة الجيدة والأنشطة التعليمية والتدريبية ومنع احضارهم لتلك المراكز قسراً ودعم مؤسسات المجتمع المدنى لضمان إستمرار أنشطة التوعية بأشكال العنف ،وتعزيز دور الاعلام فى التوعية وتشكيل الوعى لمواجهة تداعيات كورونا على هؤلاء الأطفال بصورة إبداعية ومبتكرة تناسبهم وزيادة الدعم الحكومى وإعطاء الأولوية لشبكات الحماية الاجتماعية لضمان تطوير الرؤية وزيادة الحماية المقدمة لهؤلاء الأطفال.

#مجلة_نهر_الأمل

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى