مقالات

تأثير التغيرات المناخية على نحل العسل مقال بقلم د/ رشا سالم

تأثير التغيرات المناخية على نحل العسل

impact of climate changes on honey bees

بقلم د/ رشا عادل حسن سالم (باحث بقسم بحوث النحل وزميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا)

ان ظاهرة التغير المناخي اصبحت أحد القضايا المطروحة على المستوى العالمي، في ظل ما يمكن أن يترتب عليها من تغيرات خطيرة تهدد مستقبل الإنسان على الأرض ومن المحتمل أن يؤدي هذا الارتفاع السريع إلى تهديد استقرار العالم من خلال تعطيل إمدادات الغذاء والماء في أجزاء كثيرة من العالم، وبصفة خاصة في قار ة افريقيا.  و من المتوقع أن تكون مصر احدى الدول الأكثر تضررا من الاثار الناجمة عن تغير المناخ نتيجة للمخاطر المتوقعة على الزراعة والأرض الزراعية والمياه والامن الغذائي، مما قد يسبب مشاكل وخسائر للإنتاج الزراعي والاقتصاد القومي، وبالتالي فإن قطاع الزراعة سيعاني من تبعات تقلبات درجات الحرارة وسقوط الأمطار ويلحق به خسائر كبيرة. ووفقا لتقديرات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية 2020  انه من المتوقع ان ترتفع درجة الحرارة بنحو 4 درجة مئوية بحلول عام 2050 مما سيكون له تأثير على الزراعة المصرية وكذا الامن الغذائي المصري.

ويعتبــر نحــل العســل مــن أهــم الحشرات التــي تســاهم فــي تحقيق كثيــر مــن الفوائــد الغذائيــة والصحيــة والاقتصادية والبيئيـة، وقـد ورد ذكـر نحـل العسـل فـي القـرآن الكـريم، وفـي الأحاديث النبويـة الشـريفة، ويقـول تعالـى فـي محكـم تنزيلـه: ذكر الله تعالى في كتابه العزيز النحل، كما سمى سورة كاملة باسمه ألا وهي سورة النحل، فالله سبحانه وتعالى يريد أن يلفت انتباهنا إلى عظمة هذا المخلوق الصغير الذي تتجلى فيه قدرته سبحانه وتعالى، فقال:

“وَأَوْحَى رَبُّكَ إلى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ* ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” (النحل: 68، 69)، هاتان الآيتان الكريمتان تبينان لنا أدق التفاصيل العلمية التي اكتشفها العلم الحديث في أسلوب حياة هذا النوع من الحشرات ذات النظام الرائع، نظام لا نملك تجاهه إلا أن نقول “تبارك الله أحسن الخالقين”.

ومـن الناحيـة الاقتصادية تمثـل تربيـة نحـل العسـل نشـاطاً زراعيـاً هامـاً، وتسـاهم بفعاليـة فـي جلـب عائـد اقتصـادي ممتـاز ٍ ومجــد لمربــي نحــل العســل، وذلــك بالاستفادة مــن كل منتج  من منتجــات النحــل مثــل عســل النحــل، وغــذاء الملكات، وشــمع العسـل، وهنـا يجـب أن نذكـر المساهمة الإيجابية لمنتجات نحـل العسـل فـي زيـادة الدخـل الكلـي ، إضافـة لذلـك فيعتبـر نحـل العسـل مـن العوامـل المهمة جـداً فـي زيـادة وتحسن الإنتاج الزراعـي لـدوره الكبيـر فـي تلقيـح أزهـار العديـد فـي النباتـات بنسـب تصـل حتـى حـدود 70 % الشـئ الـذي يشـير إلـى الأثر الإيجابي لنحـل العسـل فـي زيـادة كميـات الإنتاج ّ مـن النباتـات والأشجار عنـد قيامهـا بجمـع حبـوب اللقـاح منهـا، وقـد أوضحـت الدراسـات أن النحـل يقـوم بزيـادة التلقيـح الزراعـي كمـاً ونوعـا،

وحيث أن النحل من الكائنات ذوات الدم البارد والتي يتأثر نشاطة بدرجات الحرارة المحيطة لذلك تعتبر التغيرات المناخية والتي تتمثل في ارتفاع درجات الحرارة توثر على بيولوجيه وسلوكيات وتوزيع النحل في البيئة وكذلك تؤثر التغيرات المناخية  على النحل في كونها تؤثر على مصادر الرحيق وحبوب اللقاح وكذلك توثر على الأعداء الحيوية للنحل ، أن ارتفاع درجات الحرارة يودى الى تقليل زيارات النحل للازهار وبذلك يقل الغذاء المتوفر للنحل ، ذكرت العديد من الدراسات أ، التغيرات المناخية تؤثر  بشدة على محتوى النباتات من الرحيق وحبوب اللقاح ،

كشف تقرير دولي أصدرته منظمة الأغذية والزراعة ( الفاو ) »،وأشار التقرير إلي أن التراجع العالمي في أعداد النحل يشكل تهديداً خطيراً لمجموعة واسعة من النباتات الحيوية لرفاه الإنسان وسبل عيشه، وينبغي على البلدان بذل المزيد من الجهد لحماية هؤلاء الحلفاء الرئيسيين في محاربة الجوع وسوء التغذية.وأوضح التقرير أن أعداد النحل وغيره من الملقحات تشهد تراجعاً كبيراً في أجزاء كثيرة من العالم ويرجع ذلك بشكل كبير إلى الممارسات الزراعية المكثفة والمزارع الأحادية وفرط استخدام المواد الكيماوية الزراعية وارتفاع درجات الحرارة المرتبطة بتغير المناخ، مما يؤثر على إنتاجية المحاصيل والتغذية على حد سواء،  وأشار التقرير إلي إنه في حال استمرار هذا الانخفاض، فسيتم استبدال المحاصيل الغذائية مثل الفواكه والمكسرات والعديد من الخضروات بشكل متزايد بالمحاصيل الأساسية مثل الأرز والذرة والبطاطس، مما يؤدي في النهاية إلى اتباع نظام غذائي غير متوازن 0 وسبق لمدير عام «الفاو» السابق جوزيه غرازيانو دا سيلفا تأكيده خلال الإحتفال باليوم العالمي للنحل  بـأن النحل «يتعرض لتهديد كبير ناجم عن الآثار المشتركة لتغير المناخ والزراعة المكثفة واستخدام المبيدات وفقدان التنوع البيولوجي والتلوث، موضحا إنه سيؤدي غياب النحل والملقحات الأخرى إلى القضاء على المحاصيل التي تعتمد على التلقيح ومنها، على سبيل المثال لا الحصر، القهوة والتفاح واللوز والطماطم والكاكاو. ويجب على البلدان التحول إلى سياسات ونظم غذائية أكثر مستدامة وملائمة للملقحات 0».

ولمجابهة تاثير التغيرات المناخية على نحل العسل فحن في حاجة الى الاستمرار في استنباط أصناف جديدة من المحاصيل الزراعية ذو إنتاجية مرتفعة تتحمل الحرارة العالية وهي الظروف السائدة في ظل التغيرات المناخية لتقليل اثار هذه التغيرات وتوفير نسب الرحيق وحبوب اللقاح الازمة لغذاء النحل . وكذلك تفعيل دور الزراعة في تقليل مساهمتها في انبعاثات غازات الدفيئة والمسببة للتغير المناخي بالاهتمام بزراعة المحاصيل الرحيقية مما يمكن ان يكون لها دور رئيسي في امتصاص للكربون وكآلية تعويضية بشأن إسهام الزراعة في غازات الدفيئة. في مواجهة التغير المناخي وتوفير الإمكانات وأيضا تبنى اليات وأساليب الزراعة الذكية مناخيا تشجيعية المزارعين الذين يطبقون شروطها، حتى يمكن انتاج محاصيل ذو بصمة كربونية منخفضة صالحة للاستهلاك.

#مجلة_نهر_الأمل

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى