مقالات

اليماني يكتب: التحول للطاقة المستدامة لتقليل الانبعاثات

اليماني يكتب: التحول للطاقة المستدامة لتقليل الانبعاثات

الطاقة هي محرك الإقتصاد، وهي في حياتنا لتضئ، وتسخن وتبرد المنازل والمكاتب.

كما أنها تنقل وتوصل الناس والبضائع. وهي تزود أنظمة المياه والصرف الصحي بالوقود. وتستخدم في العمليات الصناعية المختلفة وفي المراكز الرئيسية للإقتصاد المتنامي، والطاقة المستدامة تعني خدمات الطاقة الحديثة، وتحسين كفاءة الطاقة، وزيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة (من الرياح ومساقط المياه ومن الشمس، ومن حركة الأمواج والمد والجزر أو من حرارة باطن الأرض) وتعتبر الطاقة المستدامة شكل من أشكال الطاقة التي تلبي طلبنا من الطاقة اليوم دون تعريضها لخطر انتهاء صلاحيتها أو نضوبها مستقبلاً، ويمكن استخدامها مراراً وتكراراً، ويجب تشجيع وتحفيز التوجه نحو الطاقة المستدامة على نطاق واسع لأنها لا تسبب أي ضرر للبيئة، وتقلل الإنبعاثات والتلوث، ومعها نتجنب أضرار الإحتباس الحراري.

التحول للطاقة المستدامة: بهدف الإنتقال من استخدام الطاقة المشتقة أصلاً من مصدر غني بالكربون مثل الفحم والنفط إلى استخدام طاقة مشتقة من مصادر قليلة الكربون مثل الغاز الطبيعي أو المصادر المتجددة.

إن إنتاج واستخدام الطاقة يساهم بنحو ثلثي الإنبعاثات في العالم، ولقد أدرك قادة العالم ضرورة مواجهة الطلب المتزايد على الطاقة في الإستمرار في التصرف السريع والفعال ضد التغير المناخي والإحتباس الحراري، ويمكننا تعريف التحول الفعال للطاقة على أنه [تغيير] في الوقت المناسب نحو أنظمة طاقة أكثر شمولاً وأماناً وبأسعار معقولة ومستدامة توفر حلولاً للتحديات العالمية المتعلقة بالطاقة، مع خلق قيمة للأعمال والمجتمع.

 لماذا نحتاج لتحول الطاقة؟ مع تزايد الطلب على الطاقة، وتوقع نضوب مصادر الوقود الأحفوري مستقبلاً، والسعي للحد من تزايد الإنبعاثات الضارة بالبيئة والتغيرات المناخية وتوفر مصادر الطاقة المتجددة وانخفاض تكلفتها والإلتزام بما صدر من قرارات دولية في باريس وجلاسكو فيما يخص المناخ، بدأت الجهود الدولية تتزايد نحو التحول للطاقة المستدامة ..

نعلم أن من مخاطر الإنبعاثات حدوث تغيرات مناخية الناتجة عن ارتفاع حرارة الأرض الناجمة عن زيادة انبعاثات غازات الإحتباس الحراري المعروفة بغازات الدفينة إلى الجو، وأبرزها غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن احتراق الوقود الأحفوري المتمثل بالنفط والغاز والفحم.

ومن مخاطر التغيرات المناخية حدوث كوارث ومخاطر بيئية تؤثر سلباً على البيئة والصحة العامة والموارد الحيوية والطبيعية، وتسبب الفياضانات والأعاصير وحالات البرد القارس وموجات الحر الشديدة والجفاف والتأثير على المحاصيل الزراعية وقيمتها، وتكاثر أنواع ضارة من الحشرات وانقراض أنواع برية من الحيوان والنبات، وأصبحت الحرائق المروعة والفياضانات والجفاف والعواصف هي الوضع الطبيعي الجديد على نحو متزايد، ونلاحظ أن ” التنوع البيولوجي” ينهار، والصحاري تتمدد، والمحيطات أدفأ وتختنق بالنفايات البلاستيكية، وتغير أنماط الطقس التي تهدد الإنتاج الغذائي، وارتفاع منسوب مياه البحار التي تزيد من خطر الفيضانات الكارثية. وازدياد حرارة الغلاف الجوي للكرة الأرضية مما يهدد بقاء البشرية حاضراً ومستقبلاً.

يشير انتقال الطاقة إلى تحول قطاع الطاقة العالمي من الأنظمة القائمة على الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة واستهالكها – بما في ذلك النفط والغاز الطبيعي والفحم – إلى مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية، ونظم كفاءة الطاقة والشبكات الذكية، ولا تنعكس مزايا انتقال وتحول الطاقة على البيئة فقط، بل أن تطوير مصادر الطاقة المتجددة وتحويل محطات الطاقة القديمة يساعدان الإقتصاد ويخلقان وظائف جديدة. ولكن التحول النموذجي الذي ينطوي عليه تحول الطاقة يوفر أيضاً فرصة كبيرة لتعزيز الرفاهية الإقتصادية ونمو العمالة والتنمية الإجتماعية للمجتمعات المعنية ودعم التوجه للمدن الذكية .. وسيكون استخدام الهيدروجين والوقود الإصطناعي، والتقنيات الكهربائية المباشرة، وأنواع الوقود الحيوي، وإدارة الكربون عوامل حاسمة في نجاح ذلك بالإضافة إلى نماذج الأعمال المبتكرة، والتغييرات الهيكلية، والتكيف السلوكي.

ومن الجهود المصرية لمواجهة الإحتباس الحريري: نلاحظ أن قطاع الطاقة في مصر يشهد تحولاً جذرياً من حيث الإنتقال التدريجي من الوقود التقليدي “الأحفوري” إلى الغاز الطبيعي، ثم الطاقة المتجدة وإلى الطاقة النووية، ثم إلى “الهيدروجين الأخضر” إلى الغاز الطبيعي، وإنتاج واستخدام الميثانول الأخضر والألمونيا الخضراء وتسهيل استيراد السيارات الكهربائية بل والسعي لتصنيعها محلياً، والتوسع في محطات الغاز الطبيعي لتشجيع تحويل المركبات للعمل بالغاز بدلاً من البنزين والسولار، وتوليد الكهرباء بتكنولوجيا الضخ والتخزين وتنفيذ مشروع القطاع الكهربائي وإصدار السندات الخضراء، وتستعد له مصر حالياً لتنظيم قمة المناخ في شرم الشيخ نوفمبر 2022، وسبق أن اعتمدت حكومة مصر خطة طويلة الأجل للطاقة المتجددة (من الشمس والرياح) وحددت هدفاً يتمثل في تلبية 20% من الاحتياجات الكهربائية من مصادر للطاقة المتجددة بحلول عام 2022 وقد حققته بالفعل، وتستهدف انتاج 43% طاقة متجددة عام 2035 مع استمرار العمل على الاستثمارات المستدامة في مجال الطاقة وإجراءات تحسين كفاءة الطاقة، وبدأت مصر في التحول نحو الاقتصاد الأخضر تنفيذاً لرؤية مصر 2030.

ومن جهود قطاع الكهرباء المصري: توزيع لمبات الليد الموفرة بدعم كبير بدءاً من عام 2013 وحتى عام 2016 وذلك خلال شركات التوزيع التسعة، وإنشاء محطات الشمس والرياح لتوليد الكهرباء، وتنفيذ حملات التوعية بترشيد استهلاك الكهرباء، وإنشاء مراكز التحكم واستخدام العدادات الذكية ومسبقة الدفع، والتعاون للتوسع في استخدام السيارات الكهربائية، والسعي لإنشاء المحطة النووية، والتعاقد لتنفيذ مشروع الضخ والتخزين المائي لتوليد الكهرباء، والتعاقد لتنفيذ مخشروعات الهيدروجين الأخضر، والتعاون لتعزيز الصناعة المحلية لمكونات محطات الخلايا الشمسية الفوتوفولطية ومحطات الرياح، وتصنيع لمبات الليد الموفرة محلياً. الأمر الذي كان له أكبر الأثر لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وخاصة تمع تنفيذ وتشغيل مجمع بنبان الشمسي 1465 ميجاوات يسهم في الحد من انبعاثات الكربون بنحو مليوني طن.

وتنفيذ 121 محطة طاقة شمسية، في 15 محافظة بإجمالي قدرة مركبة 9.6 ميجاوات، وبإجمالي وفر في الطاقة 14.8 ميجا. و.س / سنوياً، وتصل نسبة الخفض في نسبة ثاني أكسيد الكربون إلى 9.3 طن / سنوياً، وزيادة محطات الرياح وتشغيل محطات سيمنس عالية الكفاءة بغاز طبيعي وتحويل بعض وحدات التوليد الحرارية من دورة بسيطة بوقود أحفوري إلى دورة مركبة بالبخار، هذا علاوة على أن هيئة الطاقة المتجددة قد أعلنت مؤخراً عن مساهمتها في خفض انبعاثات ثاني اكسيد الكربون بحوالي 10 مليون طن، وتوفير 4.4 مليون طن بترول مكافئ .. كلها جهود جديرة بالإحترام نتطلع معها إلى آفاق رحبة وفق رؤية مصر 2030.

ترشيد وكفاءة الطاقة: يهدف ترشيد وتحسين كفاءة استخدام الطاقة إلى الإستخدام الأمثل لمواردها دون المساس براحة مستخدميها أو إنتاجياتهم ولا تعني أساساً إبطاء التنمية ولكنة يعني في المقام الأول استخدام أكفأ للطاقة ..

الهيدروجين الأخضر: عبارة عن وقود خال من الكربون، مصدر إنتاجه هو الماء، وتشهد عمليات الإنتاج تحليل كهربي لفصل جزئيات الهيدرودين عن جدزيئات الأكسجين في الماء، بواسطة الكهرباء التي يتم توليدها من مصادر طاقة متجددة (مثل محطات الرياح والمحطات الشمسية) إنتاج الهيدروجين الأخضر من أجدل استخدامه بشكل مثالي كمصدر من مصادر الطاقة المتجددة، ليكون بديلاً عن الوقود الأحفوري، الذي كان يتم استخراج الهيدروجين الرمادي أو الأزرق منه، ويمكن استخدامه كوقود نظيف ويدخل في صناعات عدة، منها الصلب والأسمنت والآليات الثقيلة وغيرها.

وقد بلغ إجمالي مشروعات الهيدروجين في المنطقة العربية 28 مشروعاً، بلغت حصة مصر منها 8 مشاريع لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق، وأغلبها في منطقة العين السخنة، ومصر تنتج حالياً أكثر من 7000 ميجاوات من الطاقة المتجددة (شمسي ومائي ورياح) وقد وقعت بعض مذكرات التفاهم لإنتاج الهيدروجين الأخضر.

الاقتصاد الأخضر: نعرف الاقتصاد الأخضر بأنه اقتصاد يهدف إلى الحد من المخاطر البيئية وإلى تحقيق التنمية المستدامة، وهو الإقتصاد الصديق للبيئة ويقلل من نسبة الكربون ويوفر الطاقة، ومعه يتحقق التكامل بين الأبعاد الأربعة للتنمية المستدامة وهي الأبعاد البيئية ولإجتماعية والإقتصادية والتقنية أو الإدارية من المهم تطويع الإقتصاد الأخضر مع الأولويات والظروف الوطنية، ويمثل الإقتصاد الأخضر طوق النجاة للدول لمواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه البيئة، والإقتصاد الأخضر له 6 قطاعات مختلفة منها المباني الخضراء والطاقة المتجددة بكل ما فيها سواء الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والنقل المستدام، وإدارة المياه وإدارة الأراضي وإدارة النفايات.

وختاماً: نوصي بضرورة سن قوانين وتشريعات من شأنها تحسين الإستخدام وتطوير وتحفيز الإنتاج في مجال الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، واستمرار التوعية والتدريب ومنح إعفاءات جمركية لمهمات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، وتحفيز التصنيع المحلي، ووضع خطط وتنفيذ مشروعات وإبرام شراكات وتبادل خبرات عربياً وعالمياً، وضرورة متابعة تفعيل الإستراتيجية العربية لتطوير استخدامات الطاقة المتجددة (2010 – 2030) مع استمرار ترشيد استهلاك الطاقة وتطبيق نظم كفاءة الطاقة، وعلينا زيادة توليد الطاقة المتجددة وتقليل الأحفورية.

#مجلة_نهر_الأمل

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى