مقالات

يوم المرأة العالمي للدكتور حمدي سيد

في يوم المرأة العالمي للدكتور حمدي سيد محمد محمود باحث اكاديمي

يأتي احتفال العالم باليوم العالمي للمرأة والذي يوافق الثامن من مارس؛ تقديراً لدور المرأة ومساهمتها في تحقيق التنمية المستدامة، وقد بدأ الاحتفال بهذا اليوم بعد انعقاد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في 7 مارس 1945.و يرجع سبب اختيار هذا اليوم البداية إلى سنة فى 1856، حيث تحركت مسيرات كبيرة تضم الآلاف من النساء اللائي خرجن فى شوارع نيويورك للاحتجاج على الظروف اللا إنسانية التى كن يجبرن على العمل فيها، ورغم أن الشرطة تدخلت لتفريق المتظاهرات إلا أن المسيرة نجحت فى دفع المسئولين إلى التعاطي مع مشاكل المرأة العاملة.

وبعد قرابة النصف قرن وبالتحديد فى 8 مارس 1908 عادت الآلاف من عاملات النسيج من جديد إلى شوارع نيويورك للتظاهر، لكنهن حملن هذه المرة قطعاً من الخبز اليابس وباقات من الورود فى خطوة رمزية لها دلالتها واخترن لحركتهن الاحتجاجية شعار “خبز و ورود”، وطالبت المسيرة هذه المرة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع في الانتخابات، حيث شكلت مُظاهرات “الخبز والورود” بداية حركة نسوية متحمسة داخل الولايات المتحدة، لاسيما بعد أن انضمت نساء الطبقة الوسطى إلى موجة المطالبات بالمساواة والإنصاف، ورفعت شعارات تطالب بالحقوق السياسية، لا سيما الحق في التصويت.

وبدأ الاحتفال بالثامن من مارس كيوم المرأة الأمريكية تخليداً لخروج مظاهرات نيويورك سنة 1909، حيث ساهمت جهود المرأة الأمريكية في دفع الدول الأوروبية لتخصيص الثامن من مارس يوم المرأة بناء على اقتراح الوفد الأمريكي بتخصيص يوم في السنة للاحتفال بالمرأة على المستوى العالمي، بعد نجاح التجربة في الولايات المتحدة.

وحدثت مأساة كبيرة عام 1911، عندما أدى حريق في مصنع للنسيج في نيويورك إلى وفاة 146 ضحية معظمهن من النساء،. غير أن تخصيص يوم الثامن من مارس كعيد عالمى للمرأة لم يتم إلا بعد سنوات طويلة من ذلك، وجاء الإحتفال بهذا اليوم على إثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي والذي عقد في باريس عام 1945، وبدء الإحتفال كدلالة على الاحترام العالم لدور المرأة، وتقديراً لإنجازاتها، ولكن منظمة الأمم المتحدة لم توافق على تبنى تلك المناسبة إلا في عام 1977 عندما أصدرت المنظمة الدولية قراراً يدعو دول العالم إلى اعتماد أى يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من مارس، وتحول بالتالى ذلك اليوم إلى رمز لنضال المرأة تخرج فيه النساء عبر العالم فى مظاهرات للمطالبة بحقوقهن ومطالبهن.

هذا ولا يمكن إغفال كيف كرم الإسلام المرأة وصان حقوقها حيث اعتبر النساء شقائق الرجال، ففي الحديث: ((إنَّما النساءُ شقائقُ الرجال) (أخرجه أحمد والدرامي ومُسْلم] وهذا يعني لها ما له من الحقوق، وعليها أيضًا من الواجبات ما يُلائم تكوينَها وفِطرتها، وعلى الرجل بما اختصَّ به من شرف الرجولة، وقوَّة الجلَد.

أيضًا جعلها الإسلام مساوية للرجل في الإنسانية، فالله – عزَّ وجلَّ – خلَق النساء والرجال سواء؛ قال – تعالى -: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾. [سورة الحجرات – الآية 13] وكذا في كثير من التكاليف الشرعية فمناطَ التكليف هو الأهلية، والله – عزَّ وجلَّ – لا يُكلِّف إلا بمقدور، فلكلٍّ من الرجل والمرأة أهليةُ الوجوب، وأهلية الأداء، ما دام قد تقرَّر في ذِمَّة كلٍّ منهما الواجبات الشرعية، فلا تبرأ ذمَّة كل منهما حتى يؤدِّي ما عليه مِن واجبات.

وحفظ الإسلام للمرأة حريةَ التَّصَرُّف في هذه الأمور بالشكل الذي تُريده، وجعل لها الإسلامُ حقَّ الميراث، ولم يكن لها حقٌّ فيه قبل الإسلام، كما جعل لها صَداقها كاملاً، جعَله الشرعُ لها، وهي مالكةٌ له لا يُشارِكها فيه أحَد، قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [سورة النساء – الآية 19]. وغير ذلك الكثير من الحقوق التي تفرد بها الإسلام صيانة للمرأة وتكريمًا لها.

ولا أجد في الختام أفضل من الكلمة التي وجهها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، للمرأة فى يومها العالمى، وذلك عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، والتي جاء فيها : أحيى كلَّ نساء العالم ممَّن أعانوا أسرهن ومجتمعاتهن على النهوض والتقدم والصمود فى مواجهة التَّحديات، أقول لهن “شكرًا على ما قدمتموه”، وأدعوا الجميع لبذل المزيد من أجل تمكين المرأة من العمل والمشاركة فى الحياة العامة، وتجريم تعريضها لأى عنفٍ أو ظلمٍ أو تهميشٍ، وضمان حصولها على حقوقها كاملة دون أى تمييز.

#مجلة_نهر_الأمل

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى